تحليل استراتيجيقراءات استراتيجيةمقالات منوعة

تقييم موجز لأحداث مصر، وسيناء، وترامب وصفقة القرن

موضوع الحملة في سيناء
وموضوع عنان 
وهل فعلا يوجد انقسامات؟
وهل يمكن ربط ذلك بصفقة القرن 
ومحاولة اسرائيل استغلال وجود شخص كترامب لانهاء القضية الفلسطينية
 ؟
 وتسوية خطوط النفوذ مع ايران

بخصوص مايحدث في مصر شيء محزن الحقيقة، وللأسف – الخراب الذي يُحدثه هذا النظام في بنية الدولة وشرعية مؤسساتها (كالجيش والقضاء) وهدر الموارد لأجيال مقبلة – سيأخذ زمنا لإصلاحه.. حتى مع إقرارنا أن هناك خلل جسيم اقتصادي ومأسسي حاصل قبله.

وعلى اختلاف السيناريوهات الممكن حصوله، تبقى العقبة الكؤود هو افتقادنا لنخبة سياسية ومشروع بديل.. هذا هو فعليا ماأفشل ثورة يناير في مداها المتوسط (أو على الأقل ساعد على إفشالها من قِبل الجيش والإخوان والمعارضة المدنية)، وهو ماسنبقى نراوح مكاننا لسنين حتى يتبلور شيء ما في الأفق من رحم المعاناة..

—-

بخصوص عنان وشفيق وكل هذه الزحمة التي مرت الفترة الماضية..

لاأعتقد  أن هناك انقسامات (طولية) في بنية النظام.. بل حتى هذا النظام مفتقد لبنية مستقرة وواضحة كما نعلم .. هناك السيسي هو من يحكم، ومن تحته الجيش متوغل في الوضع المدني والاقتصادي ونظريا يشرف على قطاع الأمن وقطاع المخابرات.. ولكن ليست هناك مؤسسة حكم كما كان أيام مبارك وحتى أيام جمال..

وواضح طبعا عصبية النظام لأنه أمامه خياران أحلاهما مر:

الأول – أن يسمح بحرية المنافسة، وهنا يخشى من ظهور شخص قوي كشفيق أو عنان، قد يتكتل معه القوة الاقتصادية المتذمرة من توسع نفوذ الجيش الاقتصادي، وأيضا تتكتل حوله المعارضة بما فيها تيار الإخوان..ولكن الأهم –  قد تمثل منصة للتصويت العقابي (وهذا لايمكن تقدير حجمه على وجه اليقين)،

ولكن في أفضل الأحوال سيخصم من نسبة فوز السيسي.

الثاني – أن تظهر الانتخابات بالصورة الفضائحية التي ظهرت بها، وحتى بدون مرشح منافس، وهذا على الأقل يضر السمعة الخارجية..

(صحيح أنها لن تضر شرعية النظام خارجيا وإقليميا، لكنها تؤثر بلاشك على حرية مناورته ووزنه)
—–

موضوع الحملة على سيناء مزيج من 

أ. حملة دعاية سياسية قبل الانتخابات، لإحداث إنجاز ما في ملف حيوي يمثل أهم بنود شرعية النظام

ب. تصور فاشل وغبي معتاد على معيار ووسائل الإنجاز في استراتيجية مكافحة الإرهاب والتمرد.

—-

ولا أعتقد أن هناك شيء حقيقي ملموس اسمه (صفقة القرن)، ترامب كعادته كسمسار سياسي استطاع أن يبيع الوهم، ويصدقه أشخاص محدودة الفهم ومندفعة لأهواء ذاتية كحكامنا، وهو وفريقه يتحركان فقط من فكرة هلامية هي إمكانية حل المشكلة الفلسطينية وبناء تحالف عربي إسرائيلي في مواجهة إيران..

وهو جاهل بالطبع بكل التعقيدات التاريخية والاستراتيجية في القضية والمحاور والأحلاف التي تتشابك معها..

ولهذا – فمثلا خطوته بالاعتراف بالقدس.. هي دمرت أي دور وساطة أمريكية لسنين مقبلة مثلا!

وكما ذكرت  في تعليقي عن هذه الخطوة، هي كذلك خطوة رعناء، بعد إدراك صعوبات التعامل مع المأزق العربي الإسرائيلي، فأراد أن يحدث انجازا سياسيا داخليا بتوفيته أحد وعوده التي يخاطب بها أهم شريحة ناخبيه، وفي نفس الوقت – رأي أن آثارها ستكون يسيرة بالنظر للتحالف بينه وبين مجموعة المنحطين في مصر والخليج.. وهذا ماحصل..

ولكن أقصى مايفعله هؤلاء هو كبح التصعيد وتمويت ردة الفعل،ـ وليس إعادة تأهيل الدور الأمريكي في هذا الملف ثانية..

وبالنظر إلى التحالف الفعلي على أرض الواقع في ملفات إيران والإرهاب بين إسرائيل ومصر والخليج.. فليست ثمة حاجة ملحة بالأصل للتصدي للملف اللفلسطيني.

بالتأكيد حكومة نيتنياهو ترحب جدا بسياسة ترامب ومايمكن أن تستفيده منها، ولكن ليس لإحداث صفقة قرن… الرؤية الإسرائيلية  – كما يمكن مراجعتها في استراتيجيتها الدفاعية مثلا – ليست منجذبة لحلول نهائية، ولكن للاستفادة من الفراغ الاستراتيجي لإعادة توسعة مستوى مناورتها وضبط قواعد الأمن الإقليمي والدفاعي لمصلحتها…

بمعنى – كيف تضبط معادلة غزة، كيف تضبط معادلة الضفة بضم مستوطنات ومنع أي تهديد أمني وفي نفس الوقت إعاشة اقتصادية، كيف تزيل التهديد الإيراني من الجبهة السورية؟ كيف بشكل وآخر تحافظ على معادلة ردعية مع حزب الله، وكيف تستطيع تصل لدرجة تفوق استراتيجي (حتى لو الحسم متعذر) في أي مواجهة مقبلة، كيف توثق تحالفها الأمني مع المصري (هذا المصري نفسه مقبول إسرائيليا أن يقترب من حماس لضبط الحدود والوضع في سيناء، وبالتأكيد سيقدم تنازلات يقبل ببعضها الإسرائيلي، ولكنه سيضغط لمنع بعضها الآخ).. وهكذا تدور العجلة..

ولكن ليس هناك صفقات نهائية هنا، ومسألة تبادل أراض في سيناء ليست معروضة على الطاولة أصلا، ولن يقبل بها المصري ولا حتى الفلسطيني (حتى أبومازن من قبل بمبدأ تبادل الأراضي قديما، كان يقصد النقب مقابل مستوطنات الضفة).. ولكن حتى هذا لا يهتم به الإسرائيلي حاليا كما ذكرت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى