أوراق وبحوثفكر استراتيجيقراءات استراتيجيةمقالات منوعة

حول الوصلة بين الاستراتيجيات العسكرية والخاصة

كيف يمكن أن نضمن أن الاستراتيجية الخاصة مثلا بالقوة (برية، بحرية، جوية) متوافقة مع الاستراتيجيه الدفاعية – في حال السلم عموما والاستراتيجيه العسكرية – في حال الحرب – على وجه الخصوص.

ثم ماهي الآليات لاستحداث الاستراتيجية ومراجعتها ؟

سأجيب عن هذا بتناول طريقة صناعة الاستراتيجية العسكرية والخاصة، ثم الحديث عن متطلبات صنعها:

طريقة صناعة الاستراتيجية العسكرية – الخاصة

هذه ترتكز على استيعابنا لأمرين: الأول يرتبط ببنية الاستراتيجية ذاتها، وهو دوائر ااستنباط الاستراتيجية وفرضياتها، أما الثاني فيرتبط بالسياق المؤسسي الذي يربط بين مستوياتها، لأن الاستراتيجية هي في حقيقة الأمر جسر يربط بين مستويات من طبعها التنافر واختلاف المزاج والمكونات وطبيعة الوصول للآثار. فالاستراتيجية العامة جسر بين الموارد العسكرية وغير العسكرية، والسياسة. والاستراتيجية العسكرية جسر بين الأداة والعمليات العسكرية والاستراتيجية الشاملة والسياسة. واستراتيجيات المساحة والوظيفية هي جسر بين العمليات والاستراتيجية العسكرية والشاملة.

أولا) دوائر الاستنباط الاستراتيجي، وفرضياتها:

  • دائرة الاستراتيجية العليا والعسكرية – الدفاعية:

الهدف السياسي – الآثار الاستراتيجية اللازمة لتحقيقه وغالبا ترتبط بالتحوير في إرادة الخصم السياسية – الأهداف العسكرية وغير العسكرية العليا المنوط بها تحقيق تلك الآثار (وهذه الأهداف قد تكون وظيفية أو مسرحية كما سيأتي)

  • دائرة الاستراتيجية العسكرية – الخاصة – المسارح:

الأهداف العسكرية الوظيفية وللمسارح الممكنة – أنماط وطرق وقواعد توظيف الأسلحة الرئيسة بمايمكن تحقيق الأهداف العسكرية سواء الوظيفية أو المسرحية، بشكل فردي أو ثنائي أو مشترك كما هو أغلب الأحايين – متطلبات الموارد والتغيرات المناسبة لكل ذلك في إدارة الدفاع، والعقائد القتالية وتركيب القوات والتدريس.

وكما أوضحت في سلسلة (محاورات استراتيجية) فإن منطق التوظيف الاستراتيجي لأي سلاح، هو تحقيق السيادة أو أهداف عسكرية وسيطة في بيئته (البر البحر الجو السيبر..)، أو مساندة تحقيق ذلك في  بيئة أخرى، أو تحقيق أهداف عسكرية شديدة الصلة بالأثر الاستراتيجي للحرب (تغيير إرادة الخصم السياسية أو متطلبات تحقيق الهدف السياسي وتغيير الخارطة السياسية). وحتى الأسلحة الوظيفية مثل القوات الخاصة أو الاستخبارات أو النووي أو.. فهي تتحرك بذات المنطق.

ولأننا نحكي في مستوى الاستراتيجيات الخاصة على جملة واسعة من الفرضيات والاحتمالات للتوظيف الاستراتيجي والعملياتي للأسلحة – بشكل مستقل وفي أغلب الأحوال مشترك، ولتحقيق أهداف عسكرية وسيطة أو شديدة الصلة بالأثر الاستراتيجي، فهذا يقتضي تدقيقا وعصفا ذهنيا ومساندة من دوائر من المتخصصين والاستشاريين لمراجعة الفرضيات تلك وتمحيصها، والتفكير غير الخطي، سواء في مرحلة صياغة الاستراتيجية والتخطيط، أو مرحلة التنفيذ والمتابعة، أو مرحلة التقييم واستخلاص الدروس.

ثانيًا) تراتبية القرار، مع تبادلية التوصيل:

القاعدة الأساسية هي أن منطق صناعة الاستراتيجية يتنزل من فوق لتحت – أي سياسة واستراتيجية عليا، ثم استراتيجية عسكرية، ثم استراتيجيات أسلحة ومسارح.. ومن التعميم في المستوى الأعلى للتفصيل في المستوى الأدنى – أي وضع صيغة المراجعة الاستراتيجية الوطنية مثلا كوثيقة، ثم تتنزل عبر وثائق التخطيط الاستراتيجي والعملياتي المفصلة عبر وزير الدفاع وقائد الأركان، ثم قيادات المسارح والأسلحة الوظيفية والأركان المساندة.

والمنطق خلف هذا النسق الخطي هو أن كل مستوى لايمكنه صياغة الاستراتيجية قبل أن تصل إليه طبيعة الهدف المنوط منه تحقيقه – أي طبيعة وحجم توظيفه استراتيجيا بشكل مستقل ومشترك لتحقيق الأهداف في هذا المستوى والتي ستخدم المستوى الأعلى.

ولكن هناك مشكلتان في هذا النسق:

  • وضع الاستراتيجية في مستوى أعلى يلزمه معرفة لصيقة وموضوعية بمايمكن أن تقدمه المستويات الأدنى، والأهم – أن صياغة الاستراتيجية كفن ومنطق عام وخطط، تلزمها تبادلية ومقايسة بين فرضيات الدوائر السابقة، وباتجاهات: الصاعد والنازل والجانبي (خصوصا منطق الأسلحة المشتركة وتضاعدها).. ولهذا فالتفكير والتخطيط الخطي الصارم سيقلل من هذه التبادلية، خصوصا أن المستوى الأعلى يحتاج لمعرفة قوية حين يريد اختبار فرضياته بالمستوى الأدنى.. مثلا) إذا لم يعرف مستوى صياغة الاستراتيجية العليا مايمكن أن تقدمه القوة الجوية أو القوات الخاصة من تأثير مباشر على الأثر الاستراتيجية فلن يتبناه ابتداء. فضلا أن وضع الأهداف العسكرية ولو بصيغتها المبدئية في هذا المستوى الأعلى يلزمها درجة كبيرة من صلابة الفرضيات المؤسسة لتوظيف وقابلية الأدوات العسكرية الكلية.
  • لأن كل هذه التقريرات للأهداف والاستراتيجيات العامة والعسكرية والخاصة والمسارحية، هي قائمة بشكل رئيس على (فرضيات) لايمكن الجزم بصحتها المطلقة، بالإضافة إلى متغيرات بيئات الاستراتيجية والعمليات، والأخطر: أن الاستراتيجية موجهة لخصم حي متحرك له ردود أفعاله ومبادراته المتوقعة وغير المتوقعة

Enemy has a vote!

ولهذا، فأي منظومة لصنع الاستراتيجية لاتتيح دائرة مراجعة حيوية وعكسية فاعلة ودينامية، بشكل آني ودوري معا، هي منظومة فاشلة. وهذا إشكال آخر في النمط الخطي النزولي.

ولكن حتى النمط المتصاعد (أي أن صناعة الاستراتيجية أو حتى تقديم فرضياتها) من المستوى الأدني للأعلى (المسارح والوظيفية > العسكرية> الشاملة) به مشكلات ضخمة: أولها غياب المنطق الأعلى الحاكم (أي لأي أهداف سياسية سيخطط المستوى العسكرية، ولأي أهداف عسكرية سيخطط المستوى الوظيفي والمسرحي؟!) فضلا عن إشكال التفويض السياسي والقيادي إذا حاول المستوى الأدنى أن يصيغ الأهداف والمُعطيات التي يجب أن يقدمها له المستوى الأعلى!

ماذا يحصل بالواقع الكفء، وكثيرا من هذه الاعتبارات والتصحيحات أخذت شوطا، وتجاربا قاسيا، وخصوصا في الحالة الأمريكية والبريطانية، هو:

ا–  مزيج بين الخطين كمأسسة وتطبيق، أي بين الخط النازل والتراتبي (رسميا) وكوثائق، والخط المتصاعد والجانبي في مراحل صياغة الاستراتيجية والتي تسبق توثيق و(تصدير) الاستراتيجية، وبالطبع مراجعتها.

وفي هذا الخط المتصاعد والجانبي، تتحرك الأداة الخططية على مستوى الاستراتيجية العسكرية أو الخاصة بافتراضات ما عن المكونات الأعلى (الأهداف السياسية، والعسكرية على الترتيب) تبعا للخبرة التي تحصل عليها القادة ولاستيعابهم لمنطق السياسة العامة والدفاعية لبلدهم، أو قياسا على تجارب سابقة أو وثائق وتصريحات مبدئية كاشفة.. ولكن مع الوقت – يحصل تهذيب وإعادة تدوير للتخطيط العسكري والاستراتيجي بشكل تعاضدي – لأن المنتوجات الخططية تبقى في طور الفرضيات، ومرحلة التمحيص وإعادة المقايسة والتعيير تحصل قبل التصديق الرسمي على الخطة. وفائدة وجود الخط التصاعدي، أنه يوفر وقتا ثمينا، ويقدم في ذات الوقت تقديرات مبدئية للقيادة السياسية حول مايمكن أن تقدمه القوات المسلحة..

ولهذا – فالأفضل في تلك المرحلة التصاعدية، أن تقدم القوات المسلحة نسخا مختلفة من الاستراتيجيات العسكرية والخاصة الممكنة، تبعا لأهداف سياسية أو استراتيجية مُحتملة ومتغيرة (سيناريوهات تخيّرية).. فتكون أمام القيادة السياسية مساحة أوسع من التخير، ولكن في ذات الوقت مدعومة بخبرة تخصصية تحدد لها مايمكن أن تقوم به القوات المسلحة تبعا لقواعد الحرب

Grammar of War.

2توسعة الفرص أن يكتسب كل مستوى الخلفية المعرفية والمؤسسية والمهارية التي تقلل من فرص الاحتياج للمستوى الأعلى والأدنى .. مثلا زيادة فرصة حضور الفكر العسكري ومنطق الاستراتيجيات الخاصة أي توظيف الأسلحة الرئيسة في مستوى الاستراتيجية العليا، وزيادة فرصة حضور المنطق السياسي والاستراتيجي الأعلى في مستوى الاستراتيجية الوظيفية والمسارحية. وغالبا ماتعتمد مراحل صياغة الاستراتيجية ومراجعاتها، أدوات المؤتمرات العسكرية وورش العمل لتفتح مجالات واسعة للنقد والتقييم والعصف الذهني، بحيث أن تكون خادمة للنتوءات الصلبة المؤسسية (قيادة الأفرع، القيادة العامة، مكتب الدفاع.. وهكذا)

3-تكثيف أدوات وفرص ومساحات تطوير المعرفة والمهارة الاستراتيجية ومراجعة الاستراتيجية، لتشمل مستويات رسمية (خارج خط اتخاذ القرار وال

chain of command)

وإن ترتبط به، أو غير رسمية.. مثل:

  • التعليم الاستراتيجي والعسكري الأعلى ومناهجه، والذي تمثل بيئته وأدواته فرصا حقيقية لمراجعة الفرضيات الاستراتيجيات والعملياتية، وهذا يطور الملكة القيادية والنقدية عند القيادات الناشئة في طور التعلم، وفي ذات الوقت يستفيد منها كعامل حيوي خصوصا مع خبرتهم العملياتية الواسعة في أسلحتهم أو تخصصاتهم المدنية.
  • مؤسسات ودوائر نظامية ضمن هيكلية وزارة الدفاع، أو هيئة الأركان.. وبالأخص – العقائد القتالية، والدروس المستفادة، وغالبا ماترتبط بمؤسسات التعليم العسكري والاستراتيجي، والتدريب.

TRADOC الأمريكي، و

DCDC  البريطاني مثالا.

  • الدائرة الواسعة التي تتمثل في المخزون الأكاديمي والخبراتي في المجتمع الاستراتيجي بالجامعات المدنية، ومراكز البحوث، والقيادات التخصصية والوظيفية في الأنشطة قريبة الصلة بصنع الاستراتيجية وبيئاتها بالداخل والخارج.. وغالبا – مايسعى المنظور الدفاعي الشامل أن يوسع فرص الاستفادة من هذه الدائرة إما بأشكال الاستشارات أو الفعاليات (ندوات مؤتمرات ورش عمل…) أو المنح البحثية. وكل ماتطورت البيئة المعرفية والوظيفية بالدولة وتعقدت، صارت لتلك المنظومات حركات ذاتية، ولكن متوافقة ومتلاقحة، وناقدة كذلك ومصححة بشكل واع، للنسق الرسمي بهذه الدولة، وتوفر على مؤسساتها الرسمية كثيرا من العبء الإداري والمالي.

متطلبات التوفيق بين الاستراتيجيات العامة والعسكرية والخاصة

 

أولا) متطلبات معرفية

تحتاج القيادات في هذه المستويات جميعها لخلفية معرفية مبدئية في كل من المنطق الاستراتيجي والسياسي العام، والعسكري والوظيفي. وهذه المعرفة لاترتكز فقط على التدريس النمطي للنظرية الاستراتيجية العامة أو الخاصة، أو الملامح العامة التي تحكم التوظيف الاستراتيجي لأسلحة البر والبحر والجو والسيبر وو، أو مستوى الأسلحة المشتركة.. ولكن تحتاج لتنوع وثراء معرفي بالدراسة الواعية والناقدة للتاريخ الاستراتيجي والعسكري العام والخاص، وقدرة على التسييق بالتمييز بين مستويات الثبات والتغير في هذه المفردات وخصوصية البيئة الاستراتيجية والعملياتية التي يتحرك فيها الجيش ومايقدمه الدرس التاريخي الخاص، وكذلك تطوير الملكة النقدية والإبداعية (ملكة القيادة الاستراتيجية) والتي بالتأكيد يتحكم فيها المزاج الذي يسود بيئة التعليم الاستراتيجي والعسكري الأعلى، ولكن أخطر منه: المزاج الذي يسود المؤسسة العسكرية والتي بطبيعتها المتحفظة الأصل فيها أن تقزم فرص استنبات هذه الملكات النقدية والإبداعية إلا إذا تم تبن مقصود وواع لأدوات وفرص لاستنباتها وفرض أعراف مؤسسية جديدة!

ولكن العائق الأهم أمام التوفيق بين الاستراتيجية العسكرية والاستراتيجيات الخاصة أن العقل العسكري المتخصص بطبيعته شديد الصلابة والتحيز لسلاحه، خصوصا مع طول مدة المكوث في هذا السلاح، كحال القيادات العسكرية التي تتحرك في مستوى صياغة وقيادة الاستراتيجية العسكرية والخاصة. وأغلب الآراء والفرضيات والتقييمات التي تخرج من هذه القيادات تكون متخندقة بالتصور السلاحي (عقلية الجندي، أو البحار، أو الطيار كما وصفها أدميرال وايلي)، ولهذا فهناك قيمة للبدء المبكر في تدريس الاستراتيجية العامة والعسكرية، وكذلك في مساحات التوظيف الاستراتيجي للأسلحة، بالإضافة للتدريس والتدريب التكتيكي والعملياتي المشترك، وبالطبع كثافة العنصر المدني في تدريس الاستراتيجية العامة والعسكرية..

ثانيا) متطلبات مؤسسية: وهي على شقين

  • ضمان متطلبات التواصل المستمر والمراجعة الحيوية اللصيقة بين المستويات، ولابد من حضور كثير للمستويات العليا والأدني في رصيف اتخاذ القرار لمستوى ما، حتى مع مراعاة الحساسيات السياسية. فمثلا – صنع الاستراتيجية العليا للدولة وشقها العسكري بالتأكيد يتم تحت هيمنة المستوى السياسة، وقد لايُحبّذ وجود القيادات العسكرية به بشكل متحكم، ولكن لابد من حضورها بشكل استشاري، وكذلك تعميق تمثيل وزارة الدفاع (كمستوى سياسي) لها ولآرائها. وفي النسق الديمقراطي – لابد من فتح مساحات لتواصل المؤسسات التشريعية والرقابية معها – وهذا يكون ضاغطا على المستوى السياسي للمراعاة الحقيقية لآرائها. وهذه القاعدة التي وضعتها في رسالتي للدكتوراة ضمن قواعد القابلية الاستراتيجية المؤسسية (هيمنة السياسة مع قوام حاضر للمؤسسة العسكرية في معرض اتخاذ القرار الاستراتيجي).. وشيء كهذا أسهل على مستوى الاستراتيجية العسكرية والخاصة، ولكن التعقيد فيه هو مسألة حضور القيادات العملياتية في توجيه الاستراتيجية العسكرية من حيث اختبار الفرضيات الاستراتيجية والعملياتية عند التطبيق.
  • التنوع الوظيفي في مستوى صنع الاستراتيجية العسكرية.. بأن تتمثل الأسلحة في المكونات القيادية. فبالإضافة لمشكلة التحيز الإدراكي والتحليلي للسلاح، فهناك مسألة التسويق لمدى ونوعية التوظيف الاستراتيجي للسلاح بسبب مايقدمه توسعته من موارد مالية، وهيمنة قيادية وشخصية، وهذا مايُعرف بالتنازع بين الأسلحة

Interservice Rivalry،

فنفهم جينها العائق الحقيقي أمام صنع استراتيجية عامة وعسكرية متماسكة ومنطقية ومراجعتها.

التنوع الوظيفي، بما يشمل دوران المناصب القيادية العليا (بالتأكيد ليست المتخصصة!) على الأفرع هو مهم، وهذا ماتبناه البريطاني منذ التسعينات بخصوص منصب

Chief of Defence Staff.

أما المناصب الجغرافية والمسارحية فتبعا لتصور أي قوة وسلاح هي العصب الجوهري للنشاط العملياتي، والذي ليس بالضرورة أن يكون عسكريا (خصوصا في الحرب غير النظامية)، فضلا أن يكون بريا.  ولكن القضية تحتاج ماهو أعمق من مسألة الدوران، بتوسعة مشاركة ودور قادة الأفرع في صياغة الاستراتيجية العسكرية والبُعد الفني في إدارة السياسة الدفاعية.

  • هيمنة العنصر السياسي (سواء من خلفية عسكرية أو مدني) على مستويات صنع وإدارة ومراجعة الاستراتيجية العسكرية. وحضور العنصر المدني بكثافة سواء وظيفيا في وزارة الدفاع ومكوناتها القيادية، أو على شكل هيئات استشارية ضمن نسيجها.. لأن هذا أقرب لاستيعاب المنطق التشاركي في التوظيف الاستراتيجي للأسلحة، وللأداة العسكرية برمتها مع الأدوات الأخرى، ولأنه نظريا يبقى أصلح في حسم الإشكالات التي يتسبب فيها التنافسية بين الأسلحة.

ثالثا) متطلبات تطبيقية..

وهذه تشمل التدقيق الشديد في مرحلة التخطيط، في تحديد فرضيات الاستراتيجية العامة والعسكرية، والتوظيف الاستراتيجي والعملياتي للأسلحة بشكل فردي ومشترك، وهذا لايتم بغير المتطلبات المعرفية والمؤسسية السابقة، وتطوير العقيدة القتالية، والتركيب الدفاعي ليؤكد التكاملية والحساسية للمنطق الاستراتيجي المُتغير، والتوازن بين حاكمية هذا المنطق، والمرونة

Agility

طبعا للطبيعة المفاجئة وشديدة التغير لبيئة الحرب المعاصرة، والقصور الشديد في فعالية أي سيناريوهات دفاعية مستقبلية.

وكقاعدة عامة لابد من تكريسها في بيئة التخطيط والقيادة: لايمكن تصور هيمنة سلاح في بيئة الحرب المعاصرة كمنطق استراتيجي، إلا في حالات شديدة الاستثنائية.

وكقاعدة ثانية: لايمكن أن تبقى أي خطط عسكرية ودفاعية، تجاه أي حرب أو أزمة، دون مراجعة دورية لفرضياتها المؤسسة، وخصوصا في حال التعثر.

 

لمزيد اطلاع

هناك قراءات حول منطق التوظيف الاستراتيجي للأسلحة، بشكل عام ومبدئي، مثل كتاب ج.س. وايلي

Military Strategy

، وكذلك كتابا كولن جراي

(Modern Strategy، و Strategy Bridge)

.. ولكن الكتب التي تتناول المنطق المعرفي والتاريخي والتطبيقي للأسلحة المستقلة والمشتركة، سواء عموما أو في أنماط محددة من الحرب هي كثيرة جدا.

والمدونة الأمريكية

JP – 5 ،

وكذلك الخاصة بالبريطاني حول ال

Joint Planning،

كذلك مفيدة في الشق الإداري والعملاني، مع الحذر حول مسألة غياب المنطق الحاكم تحت ركام الوثائق والمستويات الإدارية والتي قد تتناسب مع بيئة معقدة كالأمريكي، ومع ذلك تحصل فيه تلك المشكلة.

وهناك كتاب جيد لكريستوفر إليوت،

High Command

، تناول بالتحديد فشل القيادة السياسية والعسكرية البريطانية لتحقيق هذه الوصلة بين مستويات السياسة والاستراتيجية، والاستراتيجية العامة والعسكرية والمسرحية.. وركز بالأساس على المشكلات المؤسسية. وكذلك هناك كتاب جيد لهيو ستراون

Direction of War.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى