العلاقات المدنية العسكريةقراءات استراتيجيةمقالات منوعة

مراجعة للتطور السياسي المصري مابعد ثورة يناير، ومنطق الحركة استراتيجيا

حوار على هامش ورقة (الإطار التشريعي للعلاقات المدنية العسكرية في مصر مابعد يناير 2011)

https://drive.google.com/open?id=0B3R3f5iENLhfN2YwckVoS0pSbTQ

 

بخصوص – تقييم ماحصل في مصر أثناء ثورة يناير، ومرحلة التحول الانتقالي التي فشلت، فقناعتي أنه ليس فقط هناك ضرورة حتمية لإعادة فهمها وتفسيرها بموضوعية كمنطق مراجعة ذاتية وجماعية، ولكن لأنها درس ثمين في تطوير الوعي السياسي للقوى والأفراد لما هو آت.

.

 منذ بدء الثورة حين كنت أُسأل، هل هناك نموذج ما لفهم وتفسير مايحصل على أساسه؟ كنت أجيب أنه لا يوجد نموذج يُقاس عليه بشكل كامل، ولكن هناك عدة نماذج تتصارع المشهد وتحدث حالة هجينة: نموذج الثورة الشعبية التي تريد إسقاط نظام وإقامة آخر على أنقاضه، ونموذج التحول الديمقراطي الذي يغلب عليه نسق تدريجي (خصوصا بعد إنهاء حالة الزخم الثوري الحاد بعد 11 فبراير) وفي نفس الوقت يمنع الثورة أن تقود لنظام شمولي، ونموذج الانقلاب العسكري واستعادة هيمنة الدولة المباركية (على اختلاف بين الأطراف الفاعلة فيه.. فنظام مبارك – خصوصا في آخر عقد لم يكن مرضيا للمؤسسة، وحتى نظاما مبارك والسادات تم تراجع وزن المؤسسة سياسيا عبر معادلة تفاهم ما فهي بلاشك لو يُمكنها إعادة تغيير المعادلة لصالحها يكون أفضل). وحتى نموذج الجماعة الشمولية التي تعاني خللا كبيرا في فهم الدين وتوظيفه سياسيا، والتلبس به كفكرة مطلقة دون مراعاة النسبية البشرية في مقاربته، ومهووسة بمبدأ مُشكل عداليا ومقاصديا وديمقراطيا وواقعيا (التمكين).

 

 

والقضية هنا بالمناسبة لا يمكن تفسيرها فقط بالحساب الأخلاقي وحسن النوايا، أو دولة مبارك، أم من يريد التغيير.. صحيح أن بنية نظام مبارك والتحالف بين رأس المال الفاسد والقطاع الأمني هو خالص في سوء نيته وكان هو بالأخص ما قامت عليه الثورة.. ولكن المؤسسة العسكرية تتحرك فيها دوافع متشابكة (الدافع الأبوي والتجسيدي للدولة، دوافع المصلحة المؤسسية والشخصية التي يختلط بها فيها الفساد مع رغبة الضغط السياسي لأي مؤسسة عسكرية للتحكم في أخذ القرار، دوافع التصور المريضة والفاشلة عن الأمن القومي، العنصر الخارجي)، والإخوان كذلك دافعهم في السيطرة (التمكين)، وكونهم بديلا عن الأمة والجماعة الوطنية في عقد تفاهم مع قوى داخلية أو خارجية، أو إعلان صراع، هو نتاج فهم مشوه ومتخلف للفكرة الدينية والمقاربة السياسية لها (جزء ضخم يتحملون مسئوليته بالطبع من عدم وجود قاعدة فكرية فضلا عن استراتيجية محترمة وترهل البنية المؤسسية، وأمراض الشعور بالقداسة التاريخية والقيادية، ولكن جزء آخر هو معاناة قرون من غلق مجال الاجتهاد وخصوصا في باب الفقه السياسي والحضاري)..

 

 

بلاشك هناك مباديء عامة كانت تصلح للتعامل مع نموذجي الثورة والتحول الديمقراطي مثلا (وبشكل يواجه ويُحجّم ويرشد من سلوك الأطراف المضادة أو المُربِكة للمشهد).. فمبدأ الحركة الوطنية والتوافق، الإنجاز السريع في إعادة هيكلة المؤسسات المضادة (خصوصا الداخلية)، وكذلك إنجاز حاد في أجندة التغيير الديمقراطي (خصوصا الدستور، وإصلاح السلطة القضائية مع الحفاظ على استقلاليتها، ومنع وصاية عسكرية على العملية السياسية دون رفع عامل التوتر معها لدرجة حرجة أو التأثير على سلامتها الوظيفية) ، والإدارة الجماعية لملف التغيير الديمقراطي وأيضا ملف إعادة هيكلة المؤسسات.

 

 

لكن المشكلة – أن كل وقت كانت له خريطته التفصيلية في التعامل معه ليس فقط من منطلق هذه المباديء ولكن استجابة لماتغير في إحداثيات المشهد – وهذا بالضبط المنطق الاستراتيجي .. وكلما مضى بنا الوقت منذ 10 فبراير 2011 حتى يونيو 2014، ضاقت بشدة الخيارات المتاحة، واقتضى إحداث أي تطور إيجابي تعديلات أكثر جذرية وبنيوية  وحدية في القوى السياسية والجماعات.

 

مثلا – قبل ثورة يناير بشهر، كان في تصوري إمكانية حصول ثورة، أو مدافعة سياسية مع النظام .. أو أو.. ولكن كان ماينقص المشهد في نظري هو حركة وطنية تتفق على الحد الأدنى من أجندة التغيير السياسي، وتتفق على رأس ورؤية للتعامل مع مقتضيات المشهد والصراع مع النظام بشكل استراتيجي.. لم يكن الحل في رأيي التوصية باستراتيجية بعينها لأن الواقع شديد التغير من أي وصفة ما، ولكن الأهم هو وجود من يريد أن يشتبك مع تطورات المشهد والمرحلة برؤية ومقدرة استراتيجية، ومن خلفه زخم سياسي تنظيمي وشعبي.

 

https://drive.google.com/file/d/0B3R3f5iENLhfYkJISHFfOWREbW8/view?usp=sharing

 

 و،في ثورة يناير، كان واضح في ذهني تماما في 29 يناير مثلا أننا أمام مرحلة جديدة تمثل إجهاض لحالة الثورة لصالح نظام سياسي قائم على معادلة تفاهم هش بين نظام مباركي معدل (الجيش فيما بعد)والإخوان، وكذلك برضاء أمريكي بعد تعهد أطراف هذا النظام بمراعاة الحدود الاستراتيجية والسياسة الاقتصادية السابقة.

 

https://drive.google.com/file/d/0B3R3f5iENLhfOVRBSVN1V2NfWUE/view?usp=sharing

 

https://drive.google.com/open?id=11HGV_Oi41mIkCOLYvI4PSYFe20d6fC43

 

وصولا لكل المحطات التي أشارت لها الورقة..

 

https://drive.google.com/open?id=0B3R3f5iENLhfbTdqdDZybWNVMlk

https://drive.google.com/open?id=0B3R3f5iENLhfMGpWTU8zU2lQTnc

 

https://drive.google.com/open?id=0B3R3f5iENLhfajZSXzFpUG5TUUU

 

 

النقطة الجوهرية هنا، كما يُلاحظ من تتبع سريع لما سبق، أن حدود المتاح استراتيجيا تقلصت مع الوقت، خصوصا مع حصول التصادم بين مصلحة الإخوان وقد تواجدوا في السلطة، وبين المعارضة الهزيلة تنظيميا وشعبيا ولكن صوتها عال وقد تعُطي غطاء مدنيا لأي تدخل عسكري.

 

من الممكن أن نقول، أنه بالمعنى الوطني والرسالي والديمقراطي، بمعاني الاستقامة والقدرة السياسية والاستراتيجية، لم يكن عندنا نخبة سياسية بالأصل.. الكيانات التقليدية كالإخوان والأحزاب وجيل السبعينات هي عائق أمام معادلة التغيير والتحول وليست دافع، وقطاعات الشباب التي انفعلت بالثورة إما أنها خضعت بمنطق السمع والطاعة و (التجيير) أو التعصب الأيديولوجي للإخوان، أو فشلت مبكرا في اختبار التنظيم السياسي وتطوير القدرة الذاتية والجماعية، وفهم أفضل – سياسيا واستراتيجيا – لحالة الثورة والتحول الديمقراطي.

 

مابعد 3 يوليو الوضع تفاقم كثيرا، لأن تحالف الإخوان أعلن أنه في حالة ثورة (لا توجد مفصليات أساسية في وجودها بالأصل)، لاستعادة شرعية سلطة (فقدت جزء كبير من شرعيتها السياسية قبل الوظيفية) وتقف أمامها موازين القوى وتغيرات الإقليم، وانهارت القوى  المدنية تبعا لاستجدائها التدخل العسكري، ونشأت فواتير دم ضخمة ألقت ظلالا كارثية على الشرعية الوطنية للمؤسسة العسكرية والقضاء، وفي ذات الوقت دفعت قطاعات واسعة من الشباب للإحباط والانعزال والرغبة العدمية في الثأر.. والأخطر – هو تمدد المؤسسة العسكرية والأمنية بالتبعية وقتل الحياة السياسية.

 

إذن ماالحل؟ 

 

نظريا – مهم تخيل السيناريوهات المحتملة لوضعية النظام، وهل هناك سياقات إيجابية يمكن الدفع لها، ومايلزم لذلك.

على اختلاف هذه السيناريوهات (سواء بقاء النظام كما هو عليه في فشله الوظيفي واستبداده، أو غياب رأسه وجهوزية المؤسسة ببديل سريع، أو انفجار شعبي محدود أو واسع في الأغلب بسبب اقتصادي، أو تنازل جزئي من قبل النظام في فتح بعض المساحات بسبب – أو توقي – الضغط الشعبي) .. تبقى المشكلة هي نفسها، غياب نخبة سياسية، غياب مشروع وطني.

وبلاشك أن تلك النخبة المقصود بها قيادات وكوادر شابة عندها أطروحات وطنية وسياسية (ليس بالضرورة كثيفة، ولكن واضحة ومنسجمة ديمقراطيا ووطنيا)، وعندها نضج في التعامل مع المشهد السياسي المعقد.. والتخلص من كل الأمراض العقلية والنفسية التي للأسف فاقمتها الأربع سنوات الماضية، ولكن الأخطر – خصوصا في حال الشباب الذي انتمى للتيارات الإسلامية – هو مراجعة الفرضيات الأساسية التي حكمت هذا التيار..

 

في تقديري مثلا، أن هناك مزاوجة مطلوبة بين مشاريع تدافع على المساحات داخل النظام، وأخرى احتجاجية من خارجه.. وعلى طول المسار السياسي يحصل إنضاج للحالة النخبوية والشعبية سياسيا وتنظيميا وقدراتيا (فأنت لا تؤهل قيادت وتصنع نخبا في غرف مغلقة)، ويحصل استفادة وتغذية ارتجاعية مع إفلاسات النظام وسياساته وظهور سياسات بديلة..

 

ولكن حتى هذا لايمكن حصوله دون مراجعة جذرية، ووجود نخبة مبدئية تمثل خميرة لهذا المسار البنائي والتدافعي في ذات الوقت.

 

أسوأ مايمكن التفكير فيه الآن، أن تُكرَّر نفس محاولات العودة لمكونات المشهد لتنسج منها خيطا متصلا فضلا عن بناء معارضة أو جبهة ما.. فهي غير مستعدة نفسيا ولا أخلاقيا ولا قدراتيا، ولا من تحكمات تنظيمية داخلية ومراكز قوى، ولا من حيث استحقاق الشرعية التاريخية والقيادية – أن تُحدث مراجعات، فمابالك بصنع رؤية أو بناء جبهات، أو تفصيل استراتيجيات مواجهة، أو حتى تتفق على ماهية الدولة وأساس الديمقراطية داخلها، وانحيازها في العدل الاجتماعي والاستقلال الوطني على سبيل التفصيل – لا الشعار.

 

وفي ظل هذه الرؤية العامة والاحتياجات المرحلية.. (المراجعات، تكوين وتطوير نخب سياسية، الاستفادة من المتغيرات الآنية – بقدر – في فتح مجالات أكثر للحراك السياسي.. )يمكن داخلها شقّ أدوار فردية، وأكثر اتساعا – بنفس هاديء.. فحجم الإشكالات والملفات المعطلة هائل، ونحن أمام حقيقة واضحة – أن هناك فشل في تجربة الربيع العربي عدا تونس (أقل الخسائر فيه كانت في مصر للمفارقة، مع أن خسارة مصر حكمت على فشل المسار الإقليمي بأكمله!).. إنجاز الربيع العربي في حد ذاته لم يكن ليحل مشكلات التخلف الحضاري، والجمود الفكري والفقهي وافتقاد المُكنة الحضارية والاستراتيجية والاستلاب السيادي لقرون، ولكن كان فقط سيفتح المجال بشكل سلس وسريع ومُمنهج لحراك سياسي واجتماعي وفكري أكثر نُضجا وإنجازا، يُمكن أن يحدث فارقا في تغيير جيلي..

ولكن الآن – تعقدت المهمة، وصار الطريق لذلك المأمول أصعب كثيرا، ولكنه حتمي للأسف.

أما ماسوى ذلك من تفصيلات في تطوير النخب، والاستراتيجيات التفصيلية، ومنطق التعامل في مرحلة التحول الديمقراطي، والمؤسسة العسكرية، وحتى أولويات وبنود المراجعة لهذا التيار أو ذاك.. فهو ميسور نسبيا متى وضحت الرؤية العامة وتم التحرك فيها من قبل نخبة أولية من كل التيارات.

 ورقة عن التهدئة والوفاق الوطني – ديسمبر 2016

 

شجون بين العام والخاص

 

 هل يفيد الفكر الاستراتيجي العسكري في التخلص من هيمنة العسكريين على السياسة؟

 

حوار حول (مصر ليست للبيع)، والوضع العام

 

إصلاح المنظومة العسكرية والمآل السياسي

 

مأزق الإخوان: تطوير أم مراجعات؟

 

 مراجعات الإخوان: وقفات “حقيقية” مع النفس؟

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى