تحليل استراتيجيمنوعات

مقال – على هامش (سيف القدس): استشراف الرؤية الاستراتيجية للحراك الفلسطيني المُقاوِم

Save

في مقالنا السابق (هل تعيد سيف القدس المبادرة الاستراتيجية لحركات المقاومة الفلسطينية) تناولنا بعض إيضاح للمنطق الاستراتيجي في تلك الحملة (الحرب)، والتنبيه على الفرصة لتجاوز المخنق الاستراتيجي للقضية (إعادة الاعتبار لمراكز ثقل القدس والداخل والضفة بما يُقلل من الارتهان للابتزاز الإسرائيلي على غزة، وإرهاصات تحول الصراع العسكري من حرب حدودية غير متكافئة تقصد لتوازن ردعي لمزيج بين المقاومة العسكرية والشعبية في خاصرة المحتل، وإمكانية تخفيف مساحات التهديد الإقليمي)، وتحدثنا بإيجاز عن ملامح الرؤية الاستراتيجية المطلوبة لتطوير مشروع المقاومة بالتوظيف الاستراتيجي للحملة الحالية خدمة لمحورين: ممتد وآني. وهنا نُفصّل في ملامح وأبعاد هذه الرؤية مع تمثيل لشِقِّها الإجرائي.

ولكن مُهمّ ابتداء التنبيه على نقطة جوهرية في مثل هذه التوصية الاستراتيجية.

صياغة الاستراتيجية التفصيلية، فضلا عن التصميم العملياتي
Operational Design
تقتضي معرفة شديدة الوثوق والدينامية بالبيئات والموارد والقابليات.. وهذا يحتاج للتواجد في رصيف مؤسسي لأخذ القرار و قادر على تحصيل هذه المعلومات بالأصل وفرزها وتحليلها. بل إن هذا التهيؤ المؤسسي والمعلوماتي قد يتقاصر عن تحصيله حتى بعض المنخرطين في الشأن القيادي للدول والحركات. ولكن مايمكن عمله أمران:

  1. وضع الرؤية الاستراتيجية العامة، والتي هي بنت فهمنا للمنطق الاستراتيجي.

هذا المنطق يتوزع على ثلاثة مستويات معرفية نزولا من التجريد للتسييق. منطق الحرب بالأصل، ومنطق حرب المقاومة بدرجة تالية ولها خصوصيتها، ثم مزيد تسييق ليناسب الحالة الخاصة بالصراع العربي-الفلسطيني الإسرائيلي تحت هذا.. ولعل هذا ما أشار له ماوتسي تونج قديما حول (هناك قوانين للحرب عموما لابد من فهمها، وقوانين لحرب التحرير الشعبية لابد من فهمها، وقوانين لحرب التحرير الشعبية في الصين لابد من فهمها).
والحقيقة – كل مساحة لها قيمة جوهرية تؤثر بشكل هائل على المنتوج ومسار الحرب بأكملها. الناظر مثلا لممارسة منظمة التحرير في الستينات والسبعينات يجد احتفاء بالشق الفكري الاستراتيجي، وبالأخص التجربة الماوية والجيفارية، ولكن كان هناك خللا كبيرا في المساحة الثانية (فهم تخصيص المنطق الاستراتيجي في حرب العصابات) وأكثر منه في الثالثة (إدراك الاختلافات السياقية بين تجارب الصين وأمريكا اللاتينية والصراع العربي الإسرائيلي. وأول من أشارلمفارقة غريبة في هذا الأمر كان  يهيشوفات هاركابي رئيس المخابرات العسكرية – أمان – في الستينات، في دراسته (استراتيجيات العرب واستجابة إسرائيل) حين أشار متندرا للخلل في تكييف منظمة التحرير لحرب الحدود التي خاضتها – خصوصا بعد تعثر محاولتها لبناء قاعدة شعبية وتنظيمية في الأرض المحتلة بعد هزيمة 67 – أنها حرب شعبية، لأنها تجاهلت مركز الثقل الجغرافي لهذا الصراع (الأرض المحتلة) والمواردي (الشعب تحت الاحتلال) وأزيد على ذلك – والوظيفي (الإدماء الممتد لصالح تنازل الخصم عن أهداف غير وجودية).

ونحن فصلنا في المقال السابق، كذلك كيف أن وضع حماس في غزة منذ 2007، وماتبع ذلك حملات 2009، 2012، 2014 يتناقض مع معطيات المنطق الاستراتيجي لهذا النمط من الصراع وقاد لارتهان حقيقي وارتياح استراتيجي من العدو لهذا الوضع، والذي يكفي أن يُديمه عبر ترميم حاجز الردع بين حين وآخر. وكيف أن السياق الاستراتيجي الذي سبق (سيف القدس) يحمل في طياته بذور استعادة هذا المنطق، بشرط تعرُّفه ابتداء.


هل هذا أمر بسيط أو موجود عند حركات المقاومة بشكل كاف؟ ليس بالضرورة. لأن هناك ضمور في المساحات المعرفية الثلاث، فضلا عن ضمور مؤسسي، تترجم ذلك على خروقات في الاستراتيجية التطبيقية – نشاهد ذلك في المخنق الاستراتيجي السابق ذكره، وتضخيم التعامل التكتيكي مع سلاح الصواريخ على حساب استيعاب الأبعاد العملياتية والاستراتيجية في توظيفه ومحدداته، وربما نُفصّل هذا في مقال مُقبل، ثم ضعف الاستفادة من الظرف الحالي الذي يقدم فرصا كبيرة لتجاوزه ثم البناء عليه لتطوير القابلية الاستراتيجية والتوظيف المرحلي.

ولكن الحقيقة، أن الاستراتيجية بطبيعتها شديد الصعوبة والإبهام لتجريدها وعدم التهيؤ المعرفي والنفسي غالبا لها. فكما قال كلاوزفيتس (كل شيء في الحرب بسيط، ولكن أبسط شيء يبقى صعبا)، والاستراتيجية هي أعقد ما بالحرب لأن العِبرة ليست فقط في فهم وتقدير أهمية وجودها، ولكن الحساسية المعرفية والنفسية والإجهاد الذهني والصلابة القيادية لتنزيلها على تيارات الحوادث محاولة لسوْقها، دون الاستغراق في تجاذبات العمليات والتكتيك (ولهذا فأستلطف ترجمة استراتيجية عربيا – بالسوْق). ولأستاذي الراحل كولن جراي مقال شهير بعنوان
(Why Strategy is Difficult))
 فإذا كان الضمور الاستراتيجي قد أفشل حروبا خاضتها قوى عظمى، قديما وحديثا،  مع أنه أحيانا يمكنها بعض التعويض بالقوة المفرطة والحسم العسكري، فإن رأس مال القوة الأضعف بالأخص هو التعويض بالمناورة الاستراتيجية، فضعف رأس مالها الاستراتيجي تأثيره السلبي عليها أشدّ. ومن هنا يأتي الغرض الثاني لحديثنا.

  • 2- أننا يمكننا بعض التفصيل في خيارات الاستراتيجية بغرض الدرس التمثيلي والتعليمي. لأن الاستراتيجية – بطبيعتها النظرية – تبقى كثير من معانيها مبهمة دون توضيح عملي.

والحقيقة – حتى بافتراض وجود المكنة الاستراتيجية عند الحركات والدولة، فهي تحتاج لنقاش محيط في دوائر المختصين والمهتمين ليُثري بذلك منظورها من مداخل مختلفة، ولايجب أن تتأفف من ذلك أو تسد باب النقد خصوصا ممن يهتم لأمرها، أو احتجاجا بأنه (لاصوت يعلو فوق صوت المعركة).. لأن أساس القيادة الاستراتيجية والعملياتية للحرب، هو المراجعة الدءوبة والمستمرة لفرضياتها، وتعديلها
Adapting
، تبعا لطبيعة الحرب المتغيرة وردود أفعال الخصم وتحولات البيئات المحلية والإقليمية. كذلك – فليس بالضرورة الإلمام التفصيلي بكل نثريات البيئات والتخطيط لوضع جمل استراتيجية متماسكة، أو رؤية كلية، هذا حتمي في الاستراتيجية التفصيلية وتصميم العمليات فقط كما أسلفت.. ومتخذو القرار في الأخير هم أصحاب التفويض السياسي ولهم الحق في القبول والرفض، وحسابهم أمام شعوبهم وخالقهم بعد ذلك. بل إن كثيرا من الخيارات الاستراتيجية الكبرى كانت من بنات أفكار بعض الأكاديميين أو الممارسين خارج دائرة صنع القرار أشهرها طرح جوليان كوربت في (بعض مباديء الاستراتيجية البحرية)، و المقال x  الشهير لكينان 1947، ووضعه لمنطق الاحتواء الذي حكم الاستراتيجية الغربية في الحرب الباردة لخمسين عام، ومئات الأمثلة الأخرى.

أبعاد الرؤية الاستراتيجية لتطوير المشروع الفلسطيني المُقاوِم:

الرؤية الاستراتيجية التي نطرحها هنا ترتكز على محورين: ممتد ومرحلي.

الممتد هو بناء حركة وطنية فلسطينية كعنوان سياسي واستراتيجي مستجد (حماس تتحرك لصنعه في ظل ضمور فتح). هذا من لوازمه أن تتخفف هي من الإدارة المدنية للقطاع فضلا عن وضعه في إطاره الصحيح (وهذا ماأتاحته أزمة القدس وماتلاها من بوادر هبة شعبية في داخل الخط الأخضر).. فليس معنى هذا أن تتحول لجناح عسكري لقوة سياسية مختلفة، فضلا عن تترك غزة لفتح. ولكن هي تؤسس قيادة استراتيجية، يكون من ضمن مهامها إدارة القطاع بحيث لايكون عنوان إدارته وعبئه على حماس.

ولكن من لوازم هذا الخط كذلك – هو الاستفادة من خط الحوادث الحالي لتطوير التحام عملياتي ثم استراتيجي وسياسي.. شيء كهذا حصل بدرجة ما في انتفاضة الأقصى وإن كان اقتصر على المستوى العملياتي.

هنا يمكن لحماس وضع أهداف سياسية واستراتيجيات مرحلية تزاوج بين المقاومة المسلحة والشعبية، في القطاع والضفة، والقدس والداخل.

في هذا الخط البنائي الممتد – هناك ملفات محددة لابد من الوعي ببنائها، وإدراك مايتيحه السياق الحالي من فوائد – وتثبيتها وتطويرها عبر خيارات سياسية واستراتيجية ومبادرة مؤسسية وفي الخطاب الإعلامي، والنشاط التنظيمي.

أولا) مسارات تشكيل إطار وقيادة سياسية وعسكرية جديدة للمشروع المُقاوم:

ولغرض التمثيل والدرس الاستراتيجي – السابق ذكره – لا أكثر، سأتناول فقط المسار الممتد بنقطتيه – تأسيس كيان مستجد، وتطوير القابلية الاستراتيجية.. فبخصوص الأول، إن له متطلبات ومسارات عمل:

  1. جبر الشرعية السياسية لحماس كحركة قائدة. منذ 2007 حتى الآن وفي ظل حالة الانقسام الحاد والشيطنة والاستهداف المتبادل بين فتح وحماس، فضلا عن كثير من سلبيات إدارة حماس للقطاع، وظهورها بمظهر من يُصعّد بما يتبع ذلك من خسائر بشرية فادحة لإجل تمديد سيطرته وتوفية وجوده بالمحور الإيراني. في الظرف الحالي، هناك سياق صنعه الإسرائيلي – بسبب خرقه الداخلي والانتهازية السياسية لنتنياهو – حماس ظهرت بشكل ما أنها تتحرك كدرع للقدس والداخل، دون التخندق في النقطة الغزاوية.. وهذا أسهم بشكل ما في اتساع مساحة التأييد . لكن هذا لابد من البناء عليه بمبادرات بعضها هو عين التوظيف المرحلي:

أ. تعديل الخطاب السياسي بحيث يلح على مسألة القضية الفلسطينية بعمومها وخصوصا الضفة والقدس والداخل، مع نية لمراجعة المسار الكلي وموضعة غزة في إطارها.

ب. تشكيل تحالف وطني مؤقت لإدارة حملة (سيف القدس) كعنوان سياسي، وبحيث يكون حاضرا في مرحلة التفاوض.

ج. تعديل السلوك السياسي والاستراتيجي فيما بعد، بخصوص – مواجهة التخندق الفصائلي، وتعميق الهوية الوطنية الجامعة,, وما يقتضيه ذلك من تغيير في المنظومة التربوية والمناخ التنظيمي بحماس.

وبالتأكيد هذا سيتعاضد مع المفردات الأخرى في بناء القيادة الوطنية.. والتميز في المنتوج الاستراتيجي لهذه الحرب سيساعد كثيرا في هذا الملف، بشرط عدم المبالغة في تقدير الإنجاز والتوظيف الذاتي، وإلا كان لهذا أثرا عكسيا في بناء الثقة المشتركة.   


  • 2- تشكيل منصات عملياتية.. سواء لقيادة النشاط العسكري في غزة، وهذا يقتضي إشراك الفصائل المختلفة في هذه القيادة العملياتية، الجهاد الإسلامي والجبهتين والألوية واللجان، ولكن الأهم – كتائب شهداء الأقصى.

وأيضا – قيادة وتوجيه الحراك الشعبي في الضفة، والقدس والداخل. ومخاطبة شرائح فتحاوية في ذلك. ولكن سيكون هذا صعب في انضمامها، ولكن بقية الفصائل ستقبل بشكل فوري.

  • 3-     الشروع فعليا في إنشاء لجنة حقيقية فصائلية للإدارة المدنية للقطاع  (أبعد عن المنطق الانتقائي والمستفز للجنة السابقة مع دحلان – بحيث يكون قاعدتها بالأساس من اشترك في الدفاع عن غزة.
  • 4-    –  بعيد هذه الجولة، تحصل مبادرتان بشكل متتال:

أ. الشروع في المراجعة الذاتية لحماس، ودعوتها للفصائل الأخرى القيام بمثلها.. انطلاقا من التجربة التي أظهرت أن الإفلاس الاستراتيجي ليس قدرا على الحركة الوطنية، وأن هناك مسئولية وحاجة جذرية لإطار وطني جديد برؤية سياسية واستراتيجية.

ب. مع اختمار بعض آثار ماسبق، وخصوصا التحالف العملياتي والنتيجة الإيجابية الممكنة لهذه الحملة استراتيجيا  – يتم طرح بنود هذه الرؤية القائمة على الهدف السياسي المرحلي بدولة قبل 67 وهدنة طويلة الأمد والدمج بين خط المقاومة السياسية والشعبية، ضمن إدارة جماعية لكل الملفات. ويتم دعوة الفصائل على هذه القاعدة لاغير.. فالإطار المستجد هو على رؤية محددة، بعدها يتم التأسيس التنظيمي ودمقرطة البناء الداخلي والمسئوليات (بما يشمل انتخابات شاملة)، وليس العكس. وهذا يضمن كذلك السيطرة الجماعية لفصائل المقاومة على آلية ومفردات العملية الانتخابية. في هذا السياق سيتم العزل التلقائي لتيار السلطة بفتح، وأيضا سيكون من الممكن دفع التيار المقاوم بها أن يتمايز وينفصل.

ب) مسارات بناء القابلية الاستراتيجية:

المسار الاستراتيجي البنائي الآخر، هو تطوير القابلية الاستراتيجية للحركة – وهي القدرة البنيوية على إدارة أدوات القوة المسلحة وغير المسلحة خدمة للهدف السياسي وتشمل أبعادا معرفية ومؤسسية وتطبيقية – لأن بها إشكال كما ذكرت..

أ. وخصوصا في المساحات المعرفية (التعليم الاستراتيجي، والبحث الاستراتيجي والعسكري)
ب. المؤسسية (بالتأكيد هذا سيحصل قدر منه في النسق المؤسسي العام القائم على تغليب المصلحة الوطنية وجودة عملية اتخاذ القرار ودمقرطته، ولكن كذلك – إعادة الهيكلة الداخلية وأعرافها (مباديء النقدية والشمول التحليلي)، إنضاج عملية التقدم القيادي بحيث يضع على رأس الحركة وملفاتها أفضل من فيها، وبلاشك هذا سيستفيد من تطور الوعي الاستراتيجي في النخب والقواعد بحيث تنضج قواعد التولية والانتخاب، وأيضا العلاقة بين الجناح السياسي والعسكري بما يضمن مركزية التوجيه الاستراتيجي والتبعثر العملياتي إلا في قطاعات نوعية..

هذا البُعد المؤسسي يقتضي كذلك مسلكين: فك الارتباط بين جماعة الإخوان وحماس، بجعل الذراع الدعوي متمايزا عن حماس وهو من يرتبط بمجلس الشوري ومؤسسات الإخوان الدولية، ولكن تبقى حماس حركة مقاومة وطنية داخلية بحساباتها الخاصة.. وكذلك – التمييز في مرحلة تالية – عند اقتراب إمكانية تحقق الهدف المرحلي بين حزب سياسي وجسد الحركة الأم بما يتيح التواؤم بين الضرورة المرحلية للقبول بأهداف سياسية مرحلية، والعقيدة المبدئية للصراع ومخزونها القيمي الحاكم.

ج. وأخيرا التطبيقية، وهي وضع الاستراتيجيات التفصيلية وتحوير فن العمليات والقدرات لتناسب استحقاقاتها.. وهذا لا يمكن القيام به على الحقيقية بدون ظهور بعض آثار ما سبق.

ماحكيناه هو الخطوط طويلة المدى، وكيفية الاستفادة مرحليا من الظرف الحالي لوضع بعض لبناتها، والإنجاز في هذا نسبي بالتأكيد، وسيُفيد ويستفيد كذلك من الاستراتيجية المرحلية (استعادة حاجز الردع الأفضلي، وبناء زوائد للمقاومة الشعبية في القدس وداخل الخط الأخضار بما يشكل خطاب ومنصات وشبكات تواصل، وبدايات للتقعيد التنظيمي ولكن بالقيادة الجماعية وليس حماس)..

وهذه جولة ستنقضي- بشكل كبير بمكسب ما لحماس (خصوصا في الشرعية السياسية والردع الأفضلي، والتنعيم للتهديد الإقليمي) – مع أن كل من هذا يقتضي إجراءات خاصة به.. لكن ما نحكي فيه يتناول أفق إدارة الصراع ككل.

ملاحظتان حول الاستراتيجية العسكرية والديبلوماسية:

هناك بالطبع جوانب في الاستراتيجية العسكرية وفن العمليات لابد من الالتفات لها، ولا يمكن ذلك غير بتقييم موضوعي ونقدي منفتح لنتائج هذه الجولة وخيارات الإسرائيلي الحاصلة والمتوقعة غالبا..

سلاح الصواريخ سيتعرض لاهتمام ضخم إسرائيلي (زيادة البطاريات، وال
Rockets Hunting Squads
التي هي مزيج من القوات الخاصة والدعم الجوي التكتيكي والإبرار مع المسيرات، فضلا عن الاستعداد في البيئة الداخلية لغرضي تقوية الدفاع السلبي والصلابة النفسية والسياسية) قد يُضعف كثيرا من فعاليته في الجولة المقبلة – بالضبط كما حصل في الأنفاق.. وإذا لم يتم تعديل مواجه، وشق مسارات عمليات أخرى، سيكون ماحصل من إنجاز – بمنطق المفارقة الاستراتيجية
paradox
 التي أشار لها لوتواك في كتابه الشهير قديما –  عامل نقمة..

-هناك كذلك تعديلات ترتبط مثلا بالتركيز على تطور تقني (التوجيه، والتشويش الالكتروني)، وعملياتي (بالأخص تأكيد اللامركزية والاستكفاء الذاتي والصمت الالكتروني الكامل لوحدات الصواريخ، والمزاوجة بين الرشقات المكثفة على موطن محدد، وفي ذات الوقت الرشقات المتوازية، والقوات النوعية المصاحبة للوحدات بما يشمل مضادات طائرات وتشويش للمسيرات….واستراتيجي – وهو موضعة تفعيل السلاح ضمن مخروط ردعي تصاعدي قائم على تدقيق في الخطاب الإعلامي المصاحب لضمانة أكبر الأثر في تشتيت وإضعاف الإرادة السياسية لمواصلة الحرب عند صانع القرار.

ويبقى توسعة البدائل العملياتية ضمن سياق الاستراتيجية العسكرية، بما يشمل المسيرات بالأخص، والهجوم السيبري، ولكن أخطر شيء، هو العمليات الفدائية في الضفة والداخل .. مع تحريم كامل لاستهداف المدنيين (هذه لها منطق مختلف عن الصواريخ البدائية التي يوجد لها منطق بالقانون الدولي تبعا لعدم التناسبية وضعف قدرتها التوجيهية). وهذا ماأشرنا له في المقال السابق بخصوص ضبط الصورة الخارجية لحماس، فيما يتعلق بالشرعية الأخلاقية والقانونية في مسألة استهداف المدنيين، واحتياجها لخطاب قانون دولي وإعلامي مكثف بحيث يكون تيمة مستمر مصاحبة للنشاط العسكري.


أما كسياسة خارجية – مهم بناء صورة مختلفة في السياق الإقليمي والدولي، مصاحبة لنشاط ديبلوماسي كثيف، وبالتأكيد وجود وجه جديد للحركة الوطنية الفلسطينية (بعنوان ورؤية سياسية واستراتيجية مختلفة) وإعادة ضبط التموضع الإقليمي ( بحيث تقليل الاعتماد على المحور الإيراني، وزيادة التواصل مع المصري والأردني، والتعامل مع الخليجي على قاعدة القرب أو البعد من القضية وليس أي اعتبار آخر – بمعنى عدم الاصطفاف مع قطر) سيساعد في فتح مساحة للحركة الإقليمية والدولية وما يعقبها من استفادة في جوانب بناء القدرة وتفعيلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى