تقويم سابق لتجربة التحول الديمقراطي السوداني، وحوار موجز – على هامش الانقلاب
25/10/2021
هذا تناول تقويمي للحالة السودانية، من دراسة قدمتها في يناير 2020 بمؤتمر التجديد العربي في مالقة ، يعقبها حوار حول معضلة التحول الديمقراطي عربيا..
الورقة كاملة من هنا
ورقة: تقويم التحول الديمقراطي العربي
امتداد الربيع العربي بدأ يضطرب في السودان اليوم، وأخشى أن يكون مآله كما في مصر والجزائر. هل الشعوب العربية لاتتحمل تضحيات وتبعات الديمقراطية لذا فهي اما تتنازل بسهوله أو تنزلق للهاويه؟
أفهم ما تقصد وإن كان المعنى غالبا ما يتم توظيفه لتبرير الاستبداد – إما لتأخير الديمقراطية أو الانقلاب عليها.. دون الانتباه لأمور:
- الشعوب تحتاج – وبالعكس تتحرك – بشكل تلقائي للديمقراطية.. وهذا مقصد ديني، وفي ذات الوقت سنة حضارية وضرورة للتطور البشري.. أن تكون هناك صيغ للحكم الرشيد وتقييد السلطة والمحاسبة والعدالة وأن الشعب يختار ويحاسب من يحكمه.
وبالعكس – بالرغم من النتائج الكارثية للموجة الأولى للربيع العربي، فهذا لم يمنع حصول الموجة الثانية بفعل الإحباط والكفر بالديمقراطية. - المشكلة ليست في مجمل الشعب ولكن في ضمور نخبتها السياسية معرفيا وفنيا وأخلاقيا أن تكون على قدر المسئولية، وتنتج صيغة جماعة وظنية تدير عملية النضال نحو الديمقراطية أو المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام. وأيضا في مشكلة بقايا النظام القديم ومؤسسات القوة وخصوصا الجيوش بما لها وما عليها فيما يتعلق بمقاومتها للديمقراطية سواء بنزعتها الأبوية على الدولة وخشيتها على المصير السياسي، وكذا مصالحها المؤسسية والفردية.
ولهذا – فبالرغم أن كلا من حركات السودان والجزائر بالأخص كانوا يتفاخرون باستيعابهم للدرس المصري وأنهم لن يتركوا الميادين قبل حصول الإنجاز وعدم ترك المرحلة الانتقالية في يد العسكر.. ولكن العجز النخبوي عن تشكيل قيادة برؤية سياسية واستراتيجية واضحة ألقى ظلالا وخيمة على التجربتين.
لقد كتبت وتابعت عن حراكات الجزائر والسودان والعراق بالأخص.. وكان واضحا عندي منذ البدء وجه الخلل ومحدودية وسيولة الإنجاز.
وفي حال السودان تحديدا، فيضاف لمشكلة النخب، انهيار الدولة وظيفيا ومشكلة المركز مع الأطراف، وسيولة المؤسسة العسكرية وضعف احترافيتها ومنطقها القبلي والاستقطاعي- بالأخص – قطاع الدعم السريع.. مع أن الوقت يبقى مبكرا للحكم على انهيار القدرة على استعادة إطار شعبي وسياسي ضاغط على الانقلاب ومتوالياته. أما الوضع الإقليمي والدولي فمسألة أخرى.
وماهو السبب في ضعف النخب يادكتور هل هو فساد أم جهل أم تدخلات خارجيه؟
التدخلات الخارجية حاضرة في كل حالات الربيع العربي، ولكن طبيعتها ومحركاتها وآثارها على تعويق التجربة يختلف بشكل جذري من حالة لأخرى.. قد يتحمل مسئولية قليلة مثلا في تجربتي مصر والجزائر، وأعلى قليلا في تونس، ولكن مهيمن بشكل كبير في بقية التجارب.
لكن مشكلة النخب العربية شيء معقد وممتد، تعود للأثر السلبي لدولة مابعد الاستعمار على تجريف النخب والمكونات الاجتماعية والسياسية وتأطيرها، ودينامية مختلفة ولكن بنتيجة واحدة في الملكيات.
وأيضا – تيبس وضمور التيارات الرئيسة (الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية) وتشوهها الفكري والسياسي والمأسسي والأخلاقي.. وبالأخص – مانتج داخلها من مراكز قوى مستفيدة من بقاء الحال على ماهو عليه، والأثر السلبي الكبير لتجاربها في الاقتراب من السلطة على ماسبق، وتداعيات ماسبق على فشل هذه التجارب كذلك.
بمعنى أدق .. هذه التيارات فقدت شرعيتها الوجودية والوظيفية، وتحتاج لتجديد جذري ليمكن أن تطرح مقاربة مختلفة وتستطيع أن تكون لبنة في تأسيس نخبة سياسية عربية.
ولكن في ذات الوقت – التطور التراكمي لما يمكن أن تحوزه الأجيال الشابة من أمارات في الوعي ونضج التجربة والترقي الفكري والسياسي والاستراتيجيـ واستعادة الروح الوطنية والمثال الأخلاقي، وصولا لتأسيس شبكات مستجدة.. هذا أيضا ممكن حصوله بالرغم من صعوبته كعملية تلقائية للانتخاب والترقي الطبيعي
ذات صلة
فيديو: إدارة العلاقات المدنية العسكرية والتحول الديمقراطي في السودان
معضلة العلاقات المدنية العسكرية ومآل ثورة الجزائر
مأزومية التحول الديمقراطي الجزائري: متابعة تقديرية لتعديل الدستور
متابعة التطور السياسي العراقي، ومأزق التحول الديمقراطي