ملاحظات حول دور القوات المسلحة في دعم مواجهة الأزمات المدنية (كوفيد19)
استكمالا لتناول سابق حول استراتيجية (الصلابة المرنة) أمام الأزمات والكوارث، ودور القوات المسلحة بها..
Resilience- حول الصلابة المرنة للدولة في مواجهة الكوارث
فهناك ملاحظات سريعة حول دور القوات المسلحة في أزمة كوفيد-19:
أولا) القوات المسلحة، وإطارها السياسي والحكومي (وزارة الدفاع) هي أحد أذرع الدولة، وأدوات الحكومة في تحقيق الوظائف الأساسية للدولة، وبالأخص أزمات الأمن القومي.. وعلى هذا – فبالتأكيد هناك مقتضى دستوري وسياسي وقانوني لتفعيلها في الإطار المدني الداخلي وقت الأزمات، أو حتى في أدوار مدنية أخرى منتظمة (مثلا – تحقيق بعض وظائف السياسة الخارجية، أو أدوار الصهر الاجتماعي .. وغيرها)
ثانيا) نعم، بالتأكيد أن الحكومة بمؤسساتها، خصوصا المدنية، وأهم أدواتها التخطيطية الفنية في ذلك هو مجلس الأمن القومي، من مهمتها التخطيط وإدارة والتحسب للأزمات، وهنا نحكي عن أزمة كورونا وتداعياتها، وهذا يقتضي بشكل جوهري استراتيجية شاملة بأبعاد مدنية واقتصادية وصحية وبحثية وأمنية وخدمات ومكافحة طواريء..
ولكن وزارة الدفاع هي أحد أذرع الحكومة، ولابد أن تنخرط في صنع وتطبيق تلك الاستراتيجية..
– وهذا يشمل وجود جهاز تخطيط، وتصورات لتوفير الموارد، وتفعيلها أمام ال
contingency plans
ويتطلب ذلك – كما في طريقة صنع السياسة الدفاعية والاستراتيجية العسكرية.. حواار متبادلا وسمتمرا بين القوات المسلحة (ممثلها وزارة الدفاع) والحكومة حول المطلوب والقدرات والموارد والأهداف.
ولهذا فالجسد الخططي والقيادي لهندسة وإدارة وبلورة دور القوات المسلحة للوضع المدني عموما، وخصوصا في أزمة كوفيد-19، لابد من إيجاده.. وهو موجود في كل البلاد الغربية، وبعض الآسيوية )
ثالثا) في المقابل، بالتأكيد أن الوظيفة الأساسية للقوات المسلحة هي الدفاع ضد التعديات العسكرية.. ولكن الدور المدني له منطق: أن هناك بعض الأدوار لايمكن تحقيقها إلا عن طريق القوات المسلحة (ككثير من ملفات السياسة الخارجية)، أو هو في صلب كفايتها الوظيفية الذاتية (المهام الطبية والتعليمية وغيرها)، أو في وضع تتقاصر فيه القدرات المدنية على احتوائه (حالات الأزمات التي تهدد الأمن القومي – كأزمة كوفيد 19)..
وهذا يعني – أنها بالتأكيد ستكون خط تالي للقدرات المدنية، ولكنه يتحتم اللجوء له في الأزمات تلك..
وفي المقابل ينبغي عدم التساهل في تفعيله – لأن ذلك سيأخذ بالتأكيد من بعض قدرته على وظائفه الأساسية. .وهذا يحصل بالمناسبة في كل القطاعات – إما أنها تتوقف وقت الأزمة أو يتم تسخيرها لمعالجتها بشكل أساس (قطاعات التعليم والصحة والتصنيع والاستثمار.. فهو وضع استثنائي بالأساس)
وفوق هذا، قد يُشوّش كثيرا على وضعية العلاقات المدنية العسكرية، والتي قد تكون مثار إشكال في حال دولة ما، وقد تحصل له تداعيات سلبية على تكييفها بعد انتهاء الأزمة، سواء على مستوى تطوير الشرعية الشعبية للتدخل في الحياة السياسية والمدنية، أو حتى تغيير العلاقات الرسمية بين المستويين السياسي والعسكري.
رابعا) ومن هنا – فاستجابة القوات المسلحة وتفعيلها في مواجهة الأزمة يقتضي محطات هامة:
1- أن يتواجد جسد قيادي وخططي لهذا الملف في وزارة الدفاع، ويتحرك في رصيفين للحوار..
أ. للأسفل – بحيث يحصر القدرات (البشرية، والمادية، والفنية، والأداتية..) التي يُمكن تقديمها. وطبيعة المهام التي يُمكن القيام بها، بشكل فوري، أو مع تعديل معقول في البنية والتفعيل.
ب. وللأعلى – ضمن جهاز إدارة الأزمة على مستوى الحكومة الوطنية، بحيث يشترك في وضع الاستراتيجية الشاملة، وما تتضمنه من خطط متصاعدة للطواري وردود أفعال لها
Contingencies..
ويُقدم تصور القوات المسلحة لمايمكن أن تُقدمه، وفي نفس الوقت – ماتتطلبه من موارد، أو تخفيض في مستوى الأهداف الدفاعية (وهذه نقطة جوهرية في الجيوش المنخرطة في عمليات عسكرية نظامية أو غير نظامية – أو ضد الإرهاب، وقد يقتضي ذلك تعديلا جوهريا في الاستراتيجية العسكرية، أو حتى مستوى الأهداف السياسية، والبحث عن حلول سياسية وتفاوضية أو تعديل في البيئة السياسية والاستراتيجية للأزمة بقصد خفض وتيرتها، من أجل تعزيز مساحة الاستفادة من الأداة العسكرية))
هذا الجهاز ضمن وزارة الدفاع البريطاني يُسمى
MACA (Military Aid to Civil Authority)
وهناك توزيع مناطقي لقطاعات وظيفية للقوات المسلحة للقيام بهذه المهمة (ضمن مهام أخرى).. كانت في البدء تبعا للمناطق العسكرية الجغرافية، ثم تم تحويلها لصالح فرق عسكرية إدارية (الفرق 2 و 4 و 5)، وهي غير فرق الجيش الميداني (1،3،6)، ثم تحولت لنطاق إداري تحت قيادة ميدانية موحدة اسمها
Support Command
2- تصنيع الاستراتيجية الشاملة، وموضعة دور القوات المسلحة فيها، يحصل بالتالي في سياق تفاهم وصعود وهبوط مستمر حول نقاط الأهداف المنوطة، القدرات المتاحة، الموارد المطلوبة للقوات (بما يشمل مالية ومادية وبشرية وتدريب..)، تعديل الأهداف الدفاعية كما ذكرت أو التحسب ومعالجة الهبوط الحاصل في تحقيقها تبعا لانشغال القوات المسلحة
3- وفي تقديري – أن القوات المسلحة، دورها يعتمد على تصاعد آثار الأزمة القومية على بنية الدولة ووظيفتها، ومدى تصاعد الحلول الطارئة..-
ففي كوفيد19 – هناك مراحل يُمكن حصولها كتصور خططي مبسط:
أ- المتدنية، وقد تشمل توظيف القوات في: تعقيم المنشآت والطرق، وحظر التجوال، وتوفير وتوصيل المتطلبات الوظيفية والحيوية للقطاعات (خصوصا الصحية) والمواطنين، والمشاركة الطبية كأفراد ومنشآت، والقيام بمهام التصنيع والبناء المؤقتة لقطاعات وأدوات مطلوبة لمكافحة الوباء والوضع الصحي..
ب- الوسطى، وهذه تشمل درجات من الخلل الوظيفي الشامل، وقد تقتضي – انخراطا موسعا في ضبط الأمن الداخلي، وعمليات الإنقاذ الشامل في داخل الدولة وخارجها (جوا وبحرا)، والتوسع في أدوار توفير المتطلبات الأساسية للقطاعات والمواطنين (غذاء، ماء، أمن)
ج- العليا، وهي الانهيار الوظيفي للدولة – وهذا يقتضي القدرة على تشكيل إدارة طواريء مدنية، وتفعيل أذرع الاتصال والقيادة العسكرية في هذا الغرض
لمزيد اطلاع:
- The Armed Forces and Covid (IISS)
https://www.iiss.org/blogs/analysis/2020/04/easia-armed-forces-and-covid-19
-
Military stands up COVID Support Force (UK Governemt)
https://www.gov.uk/government/news/military-stands-up-covid-support-force
- ورقة سياسات الحكومة البريطانية حول دور القوات المسلحة في المساندة المدنية 2015
https://www.gov.uk/government/publications/2015-to-2020-government-policy-military-aid-to-the-civil-authorities-for-activities-in-the-uk/2015-to-2020-government-policy-military-aid-to-the-civil-authorities-for-activities-in-the-uk
- Coronavirus: Everything the Military is doing to Fight Covid-19 (Forces.net)
https://www.forces.net/news/coronavirus-how-military-helping