فكر استراتيجيمنوعات

تعليق موجز على التطور التقني وتحوير نمط الحرب

بعني علاقة التقنيات بالحرب هذا عالم بحاله..

هذه التيمة – التطور التكنولوجي وتحويل نمط الحرب، تتكرر بشكل دوري مع كل اكتشاف، سواء سلاح كالطيران والمدرعات والنووي، أو حتى منظومات مثل RMA في التسعينات.. ودائما تكون غير دقيقة ومبالغة، لأنها تتجاهل:

أ – التبادلية والتضاد في الحرب، أي أن خصمك سيكون عنده مثلك، وتظهر مع الوقت وسائل مواجهة. وتتبعنا هذا مثلا في تطور المدرعات ومضاداتها (مقال: نهاية عصر الدبابة)

ب- التعقيدات التقنية (ما سبق، كما وكيفا) والعقائدية (توظيفها في إطار بناء وحركة القوات) والاستراتيجية (قيمة كل هذا في تحقيق مستهدف الحرب أو الملاءمة مع أنماط مخصوصة فيها). وعرّجنا على هذا كذلك في مقال نهاية الدبابة

ج- التطور نعم قد يغيّر جزءا معتبرا من شكل الحرب characters وليس طبيعتها nature ، ودوما يفرض عبئا على القابلية الاستراتيجية معرفيا ومؤسسيا وتطبيقيا، بقدر ما يفتح من فٌرص.

ولماذا لم يتحصل فارقا نوعيا كبيرا في الحرب الأوكرانية؟

بسبب ما سبق،
هو أحدث بالتأكيد فارقا ما تكتيكيا وحتى عملياتيا..
ولكن طبيعة الحرب ذاتها – ما تحولت له (وجود resort عالي)، جعلت الحسم التكتيكي بمعناه الهجومي والدفاعي شرطا ضروريا لتتطور العمليات ثم الاستراتيجية، ولما كان فائض ما أحدثه هذا السلاح أقل من هذا فلا تجد بالضرورة فارقا حاسما.
في حين لو كنا في أنساق استراتيجية أخرى، تعتمد مثلا على إحداث تغييرات محدودة في معدل الخسارة العسكرية والعامة – لربما كان الوضع مختلفا، خصوصا، لو تم دمج الدرون بشكل أعمق بمنطق الحرب المشتركة، وكذا ضرب العقد الهامة عسكريا واقتصاديا على مستوى الجبهة، أو الداخل الروسي، مع وجود الوفرة الكمية والكيفية لهذا التوظيف.

وهذا النقاش يمكن تعديته لكثير من النماذج، أوضحها AI و ال Robots – في حرب غزة مثلا من ناحية الإسرائيلي.. فالأول AI – الدمج المعلوماتي لتحريك بنك الأهداف الجوية – لوجود فرضيات استراتيجية خاطئة وتصميم عملياتي بائس كانت له نتيجة شديدة السلبية في غزة (الفاتورة المدنية المرعبة والتي أثرت في صورة إسرائيل)، على خلاف حزب الله (لأن التصميم العملياتي كان قائما على استهداف دقيق للقيادة – استراتيجيا بشكل تصاعدي كضغط إكراهي، وصولا لنافذة عملياتية لتحقيق اختراق استراتيجي)، وعملياتيا – بالتشبيك مع عناصر أخرى وأهمها الاستخبارات البشرية).
والثاني Robots- استخدامه في حرب الأنفاق والمدن، هو جزء من صورة كلية كمنظور تكتيكي، والإسرائيلي نعم طوّر بشكل كبير هذا الدور وأحدث حتى تحويلا في العقيدة القتالية لتتيح توظيفا له بشكل أفضل، وأذكر أنّي حكّمت ورقة علمية من خمس سنوات تقريبا لمجلة أكاديمية أمريكية حول هذا الأمر – ولكن كذلك، الإشكال في التصميم العملياتي كان مُحبِطا.

وكنظرة للنمط العام للعلاقة بين التقنيات والحرب، أعتقد هناك تطورات ينبغي دراستها بعمق.. هناك مدرسة كان يتبناها كولن جراي تقلل كثيرا من فكرا التثوير Revolution في ظاهرة الحرب، وتنحاز لمنطق التدرج Evolution، وأن أغلب ال Revolution هو اجتماعي وسياسي أكثر منه تقني، إلا بظهور أسلحة كاملة مثل الطيران والسلاح النووي،
أنا الحقيقة في حلقة وسطى بينه، والمدرسة الأخرى التي تعتبر أي تطور تقني Revolutionary

ولكن كذلك – كثيرا ما كان البحث والتصميم في مجال التقنيات العسكرية سابقا وفاتحا أمام التطور التقني المدني ، ولكن الصورة تبقى معكوسة الآن، فليس فقط أن الفكر الاستراتيجي والعسكري يلاحق لاهثا التطور التقني العسكري كما كان الحال دوما، ولكن حتى التقنيات العسكرية والتوظيف المباشر في بيئة الحرب تبقى في سباق مستمر لتلاحق التطور التقني المدني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى