قراءات استراتيجية

حوارات حول غزة وليبيا والموقف المصري وداعش

قديم

10-7-2014

هل أنت متابع لمايحصل في غزة؟ ومارأيك في التطور النوعي كعمليات الكوماندوز؟


شوف.. ماتم وضعه في 2009 وتأكيده في 2012 هو صيغة من التهدئة والردع والمصلحة المتبادلة.. غزة لحماس مع بعض التضييق في المعابر في مقابل تهدئة من ناحيتها.. مع سماح الطرفين بتعديات متنتثرة.

هذه الصيغة دعمتها القيادة السياسية لحماس في الداخل، وقيادة الخارج الأكثر ارتباطا بالجهاز العسكري كانت أكثر قناعة بترتيب إقليمي ومصالحة مع فتح .

على كل زيادة وزن قيادة الخارج وسقوط نظام الإخوان بمصر الداعم أكثر لصيغة غزة ومشكلة سوريا جعل وضع غزة أكثر انكشافا.. كل هذا دفع لخطوة المصالحة.. وإن كان الكل يعلم أنها لو تمت بنجاح من حيث الاستحقاق السياسي فإن الثقل الأمني والعسكري لن يتغير كثيرا

> الحملة الحالية على غزة هي في سياق طبيعي ضمن خارطة تصعيدات متدرجة على حماس تتناسب مع فعل المقاومة لاستغادة معادلة التهدئة وتوازن الردع.

القيادة الاسرائيلية حتى بيمينيتها تتبنى المنطق السابق، ولكن الكتلة الأكثر تطرفا كتعبير أيديولوجي وبشكل أكبر كمصلحة حزبية تدعم ردا شاملا وبأهداف حادة بعيدة عن هذا المنطق كما كان في افتتاحية 2009 على غزة و2006 على لبنان.. بمغنى حملة كاملة للقضاء على حماس.

وفعل المقاومة في غزة كان في أوله بالطبع انعكاس للاحتقان الفلسطيني تبعا للأحداث الأخيرة
وقيادة حماس تدرك أن الجولة محدودة ولكن تدرك أيضا أنه بالاضافة للتدخل الاقليمي والمصري الذي سيعيد تقريرها فإن فتح مساحة للمقاومة ضرورة لسبب استراتيجي وسببين داخليين..

استراتيجيا.. ضمن الإطار الذي تتحرك لها فمهم ابداء قدرتها على الايذاء للوصول لمعادلة تهدئة مستقرة وأي تحسين في عرض قدرتها تلك ربما يقود لتحسين شروط التهدئة.
داخليا….
هناك حاجة لاستيعاب جناحها المسلح وترك المجال له ليختبر بنفسية محدودية الخيارات الأخري دون التهدئة.

وثانيا لأن شرعيتها داخليا مبنية على المقاومة وماتسوق له داخليا على أنه انتصارات..
في 2009 كان تقدم استراتيجي لحماس بسبب عريضة الأهداف الخرقاء للثلاثي اولمرت وباراك وليفني.. ولكن منذ المرحلة النهائية للحملة وحملة 2012 كان الناتج الاستراتيجي لصالح اسرائل. ولكن الاختراقات التكتيكية كمدى أوسع للصواريخ أو عملية كوماندوز نوعية مهمة لتدعيم دعوى الانتصار الداخلي حين الوصول للتهدئة.

هذه الديناميكية حصلت في حرب 2006 ( الاعتماد على نجاحات أو شبه نجاحات تكتيكية لتصدير دعوى انتصار( .. الفارق
كان ان هذه الدعوى كان المستهدف بها الطرف الاسرائيلي والدولي وتم تحقيق هذا بدرجة كبيرة-بسبب السياق الاستراتيجي وتعامل الطرفين معه- مماحقق نجاحا استراتيجيا للحزب. في حين أن هذا لم يحصل بدرجة ما الا في المرحلة الاولى في حملة 2008-9 في حال حماس.


20-7-2014

وماتقييمك للدور المصري في غزة والتنسيق الأمني مع إسرائيل؟

> صعب تقييم الموقف المصري بشكل كامل لغياب استراتيجية دفاعية بالأصل ومقوماتها يتموضع فيه الموقف من القضية الفلسطينية عموما _كما أشرت في مقالي أثناء حملة 2012..

ولذلك يكون دائما نتاج عوامل خاصة مؤقتة مع امتداد لدور الوسيط الباحث عن تهدئة بشروط متوسطة.

 معونات الجيش خطوة جيدة وجديدة ولكن صاحبها تشنج أكثر في منع أي تواصل شعبي مصري مع غزة تخت حماس.. وفي هذا اختلف عن 2012

الموقف اقترب من حيث الخطاب من خطاب نظام مبارك :إدانة محدودة لإسرائيل مع ضمنية للمقاومة وفتح المجال للهجوم الإعلامي على الأخيرة ، مع طرح مبادرة 2012 مرة أخرى.

ولكن طرأت عليه ثلاثة عوامل.. تقييم المؤسسة العسكرية والمخابراتية لحماس أنعا شريك أساس في إرهاب سيناء، ورفض حماس للمبادرة المصرية ممافيه من إحراح للنظام وتأكيد لشكوكه عن توظيف الأخيرة للمقاومة ومعاناة غزة لمصالح ذاتية وإقليمية ، ثم الدور التركي والإقليمي.

كل هذا دفع النظام لدرجة من السلبية واللامبالاة ودعم الخطاب الاعلامي المواجه أعلى كثيرا من أيام مبارك، كما دفعه لأن يقدمالمبادرة بطريقة فيها تعالي وإهانة لحماس.

طبعا حماس ارتكبت خطايا استراتيجية وقيمية كثيرة منذ 2007 وبالتعامل مع ملف غزة والمقاومة والملف المصري وهذه الحملة، ولكن في الأخير الضرورات الاستراتيجية وبالطبع الأخلاقية والقومية كانت تقتضي تدخلا أكثر إيجابية وانحيازا ، ولكن ضمور السياسة من ناحية وغلبة الثأر والتشفي من ناحية أخرى، والأهم افتقاد لرؤية استراتيجية جديدة منع هذا .. بل حتى ماكان أيام مبارك من إغضاء الطرف عن الأنفاق لدرجة ما وتحسين العلاقة مع حماس على الأقل عن طريق المخابرات كتوطئة لنفوذ مصري وابتزاز للإسرائيلي انهار بسبب العوامل المستجدة.

،،،،،،
بخصوص التنسيق الأمني فعلى حد علمي أنه في وضعه المعتادويحصل بشكل غير مباشر في ملف التهريب وملف العمليات الارهابية في سيناء.. لايحصل تواصل بين المؤسستينالعسكريتين.. ولكن مايحصل هو تواصل بين وزارة الدفاع الاسرائيلية وجهاز المخابرات العامة التين بدوريهما يوصلان المعلومات لجهازي المخابرات العسكرية في البلدين لأنهما المسئولان المباشران. ولايوجد تنسيق حول حماس وغزة.

وهناك أصوات قوية الآن في المنظومة الدفاعية الاسرائيلية تدعومنذ فترة قريبة لإعادة تغيير العقيدة القتالية وتركيب القوات لتنشيط المستوى الدفاعي أما الجبهة الجنوبية نظاميا خصوصا بعد انهيار الجبهة السورية.
فيه كتاب جديد صدر من شهرين وقرأته يدور حول هذه الأمر وهو يعبر عن اتجاه بدأ يتوسع


21-7-2014

في سياق كلامك تحدثت عن اخطاء حمس منذ 2007 .. لو تفضلت بتفصيل ذلك وتداعياته على استراتجية المقاومة والقضية عموما .. وما هي المسارات البديلة التي كان يمكن ان تمتلكها المقاومة الفلسطينية عموما؟

هو حديث بالفعل يطول لأنه يتناول تطور حركة المقاومة الفلسطيني والشق ( اﻻسﻻمي ) منها ان صح التعبير. منذ الخمسينات حتى اﻻن. ولكن ايجازا.
هذه الحركة كانت ترتكز على استدعاء حرب دول الطوق والهدف السياسي دولة ثنائية القطبية عن طريق توتر حدودي، وبعد 67 بقي الهدف معلنا ولكن ضمنيا ظهر هدف تسوية جزئية ولكن بسيادة وعودة اللاجئين، واستمر التوتر الحدودي وزاد عليه توسع في عمليات اختطاف طائرات واستهداف مدنيين وكذلك السعي لتأسيس وضع شبه سلطوي في الأردن ثم في لبنان. وبعد 82 وخروج مصر ثم حرب الخليج جاءت أوسلو.

> الشق الإسلامي كانت اجزاء منه تنخرط او تتعاون مع خط م ت ف ولكن تنظيم غزة ركز على البناء الداخلي والاجتماعي واستفاد من توسعة اسرائيل له في السبعينات رغبة من الاخيرة في التضييق على الفتح. وبدات محاولات التنظيم في التسلح اول الثمانينات وفعليا بدات المقاومة بانشاء حماس في انتفاضة 87.. ووجد نفسه امام اوسلو واستخقاقات السلطة.

> من حيث الرؤية الاستراتيجية لم تكن ناضجة ولكن الحديث ضمنيا كان على بناء حراك للمقاومة وتوسعة موارده الشعبية والعسكرية والسياسية – وهذا اقتضي النصادم مع مشروع السلطة واستحقاقاته الامنية- في انتظار تحولات غيبية في مساحة الدعم السياسي والشعبي على امتداد الأمة، وأحيانا يحصل استيراد لنظرية (بيت العنكبوت) الخاصة بنصر الله: أن المقاومة كفيلة بتفتيت إسرائيل ذات البناء الضعيف أصلا.

 وبعد فشل هذا مشروع أوسلو فعليا ورفض ابوعمار كامب ديفيد 2 واشتعال مقاومة الاقصى وبدء تحالف ميداني وصولا لارتفاع وتيرة المقاومة حصل انسحاب شارون من غزة في 2005.

كملخص عام . بالرغم من عدم وجود رؤية لحماس الا ان اسنراتيجيتها تجاه الأهداف قصيرة المدى كانت أفضل كثيرا جدا
من م ت ف طيلة عقودها السابقة، وكانت أكثر تعبيرا عن فكرة حرب المقاومة التي تدرك أن مركز الثقل الاستراتيجي والعملياتي يبقى الأرض المحتلة وشعبها.

ولكن بعد 2005، قاد افتقاد الرؤية وعدم تطويرها مع الوضع الناشيء وكذلك افتقادها لنخبة قيادتها، الى سلسلة من المواقف شديد الخطورة على منطق استراتيجيتها العسكرية قصيرة الأفق..
دخول الانتخابات المحلية ممكن تسويغه، ولكن دخول انتخابات البرلمان وعلى كل المقاعد، ثم التورط في تشكبل الحكومة، ثم الحسم لماهو متوقع من صدام سلطوي مع فتح، وبهذا السيطرة على غزة والمسئولية عن اعاشة مليوني مواطن في وضع جيوسياسي واستراتيجي يتحكم فيه اسرائيل مع نافذة محدودة على مصر، وترك الضفة بالمقابل بعد سياسة اقصاء فتح في غزة.

هذا الوضع كارثي من ثلاث نواح.. اولا ترك الضفة لصالح غزة والأول هي الأخطر ألف مرة في القيمة الاستراتيجية وأفق الصراع، ثانيا استنسخ نفس وضع م ت ف في لبنان ومعه انهار منطق حرب المقاومة ليصبح حرب حدودية مع قوة عسكرية أدني وزاد سوءا عليه ان حماس هي من في خانة الابتزاز وايس اسرائيل بسبب المسئولية الجفرافسياسية والاعاشية، وثالثا بناء مواقف اقليمية بناء على هدف بقاءسلطة غزة وليس بالضرورة المصلحة الاستراتيجية لمشروع مقاوم له رؤية واضحة..

ثم حدثت مشكلة أكبر وهي طبيعية.. ان حماس ابتلعتها السلطة وصارت رهينة لها. زاد الفساد والتضخم التنظيمي لملء مواقع السلطة، صحيح انه اقل بكثير من فتح لكنه كاف لتشويه حركة عقائدية، وكذلك ذلك الاهتمام الأكبر بتمكين السلطة في غزة أكثر من الدوران حول بوصلة المقاومة.. ظهر هذا جليا في حملة 2008 التي سمتها حماس انتصار حرب الفرقان لتحافظ على رصيدها الداخلي وهي خسارة استراتيجي لهدفي حماس في الحملة : تمديد الهدنة للضفة وفتح المعابر بالرغم من بؤس الاستراتيجية الإسرائيلية حينها.

وأسوأ الخطايا كان في التعامل مع مصر بعد ( الربيع ) العربي.
قبل الربيع كانت حماس جزءا من التنظيم الدولي وتستفيد من دعمه ولكنه كان أعجز من استيعابها، وكان الأخير حتى يرغب فيدفعها لقبول شروط الرباعية ودولة 67 ليتفاوض اقليميا مع الامريكي على ملفات اخرى. وفي ذلك الوقت حماس اكتفت من التنظيم بدعم مالي ومعنوي في مقابل استفادتها من هذه الصلة للتجنيد الداخلي والتعبئة، ولكنها لم تحاول اي ضغغط عليه لاصلاح مسار الحركات الاخوانية لتقرب معادلة التغيير في دول الطوق.

بعد الربيع.. حماس اغترت بفرصة محيط اقليمي اخواني برعاية قطرية وتركية أكثر من تشوفها لمعادلة تغيير سياسي ديمقراطي حقيقية.. حماس كانت تعرف أنها جزء من الصفقة الاقليمية مع الامريكي لترتيب هذا الوضع الاقليمي طويل الأمد… هدنة طويلة الأمد مع اسرائيل وغزة كاملة الاعاشة باعتمادها على النظام الاخواني في مصر مع احتمال اندماجها أمنيا وديمغرافيا، ونظام سوري جديد أكثر انفتاحا على معادلة تسوية ويقطع دعمه لحزب الله.
للأسف.. أعقب هذاتدخل في الشأن المصري الداخلي بشكل طالما اخذته حماس وغيرها على فتح..
أنا لن أخوض تحديدا في تفصيلات هذا، ولكن أحكي بوضوح عن قناعة جازمة للمؤسسة المخابراتية المصرية – وهذه حافظت لفترة طويلة على علاقة ايجابية مع حماس- بمسئولية الأخيرة عن صلات تدريب وفعل في الداخل المصري، وماأستطيع أن أصدقه بأريحية هو رغبة ومشاركة في توتير سيناء – حماس تمتلك صلات لوجستية في هذه الساحة ودرجة عالية من التحكم في ظهيرها الغزاوي – خصوصا بعد سقوط الاخوان لسببين: تعصب تنظيمي، ونفس النظرة الضيقة بصيانه امارة غزة وهذه تقتضي منع سيطرة النظام المصري على سيناءلضمان خطوط الامداد دون حساب الابعاد الاستراتيجية للعداء مع الأخير.

بخصوص المشكلات القيمية فليس مطلوبا اﻻن الحديث عنها وان كان يمكن استنتاجها مما سبق.


2-8-2014

 ولكن كيف تقيم الوضع الآن في غزة وقد إرتفعت كلفة الحرب وتحولت لمجزرة .. كيف ترى الأمور ومألاتها ؟ 
 ورأيك أيضا في الكلام اللي بيثار عن إرسال قوات مصرية باكستانية مشتركة على حدود السعودية .. وايضا احتمالية التدخل العسكري في ليبيا؟

.بخصوص غزة، فالحقيقة الواحد ليس له نفس يحكي عن الوضع ومآلاته، خصوصا مع كلفة الدماء العالية.

 ولكن بما أنك سألت، فواضح أن الاسرائيلي لم يستطع ترميم حاجز الردع، وكذلك حماس لم  تستطع تحقيق هدفها السياسي الوطني ( فك الحصار وتهدئة تشمل الضفة ) ولا الداخلي ( تطوير شرعيتها الداخلية ) بالرغم من انجازات تكتيكية حققها جناحها العسكري ولكن فقط منعت الاسرائيلي من تحقيق سريع لهدفه.

طبعا لو كنا في سياق استراتيجي مختلف كان هذا الأثر قاد لانجاز سياسي
ولكنه دفع الاسرائيلي لتطوير أهداف تدخله وتوسيع سيناريوهات تدخله المحتملة..فأصبح هدف منع الأنفاق عن طريق منطقة عازلة أساسي ويقتضي تواجد عسكري وتهجير، وماعدا ذلك من أهداف ذات سقف عال لكل من الطرفين فهو للضغط التفاوضي.

ماسينتهي به الأمر على الأرجح.. تهدئة مع بعض تخفيف الحصار بشرط تواجد للسلطة، مع منطقة عازلة……

 ..بخصوص تدخل مصري في الوضع السعودي
لاعلم عندي بحصوله فعليا، ولا أرجح أنه حصل، ولكنه بالتأكيد سيحصل إذا تم تهديد الحدود .. وربما تكون له مقدرة ماخصوصا كتظاهرة حشد عسكري وقدرة على توسيع منطقة قاتلة على الحدود ويساعد في هذا الطبيعة الصحراوية.. ولكني أعتقد أن الغربي سيتدخل كذلك بشكل فوري كذلك على حسب حرج الموقف.

بخصوص ليبيا..فكسياسة دفاعية مطلوبة يلزم التدخل في مهمتين ويحظر في أخرى.
مهم استهداف بنية القواعد الارهابية في المنطقة الشرقية، والقيام بعملية انقاذ مدني تلزم انشاء ممرات آمنة للمصربين ونقل بحري في الغرب والاستعداد لعمليات خاصة محدودة.. ويحظر التدخل في الوضع الداخلي بمعنى نصرة طرف على طرف.

ولكن هذا نظريا، ولكن عمليا هناك عوائق وشروط.. توسيع هذه المهمات تستلزم درحة من الاستقرار السياسي والدعم الشعبي غير موجودة، ويستلزم تأهيل للقوات المسلحة على هذه المهام النوعية مفتقد، وتستلزم التمهيد بحملة قانونية وديبلومسية وشعبية مع الطرف الليبي لم تحصل.

وكتقدير ماسيحصل، بغض النظر عن ادراك السيسي والمؤسسة العسكرية بتعقيدات هذا الأمر.. فهو غير جاد في الملف او مستشعر بأهمية التحرك فيه، ليس كالمسألة السعودية للمفارقة، ثم هناك ادراك داخلي -بعض النظر عن مدى نضجه- بصعوبة المهمة كقدرة عملياتية خصوصا وأن الجيش قام بثلاث عمليات متوسطة منذ حرب أكتوبر.. ليبيا 78 والعراق 91 وسيناء.. وأعتقد أن القيادة تدرك جيدا طبيعة التقييم لهذه العمليات يعيدا عن البروباجندا المعتادة.–

————————–

9-8-2014

بخصوص ليبيا.. ماهو تعريف الإرهاب؟

> الإرهاب عموما تعريفه كقانون دولي.. هو  عمليات عنف – عسكرية أوشبه عسكرية -أو تسهيلها- تستهدف أهداف مدنية لتحقيق هدف سياسي عن طريق إثارة الخوف

.وبعض الدول – بريطانيا مثلا- تتوسع داخليا في تعريفه ليشمل كل مجموعات مسلحة خارج إطار الدولة. أو تشمل مجموعات لاتتواجد في يدها أدوات مسلحة ولكن عندها مسوغات فكرية وسياسية لممارسة العمل الارهابي.

من ناحية استراتيجية فتعريف الارهاب لايتبع نفس النسق القانوني لأنه لاحاجة لتجريم فعل لمكافحته من هذا المنطلق ولكن التركيز أساسا على اﻵليات واﻵثار والمصالح والتهديد..

> هناك تداخل بين اصطلاحات حروب التمرد والارهاب والجريمة المنظمة كتهريب الأسلحة والأفراد ولهذا تعطى توصيف عام وهو الحرب غير المنتظمة – أي التي تقوم بها أطراف دون دول -اذا كان لها هدف سياسي لايتحقق بانتصار في المعارك. وبهذا تتمايز عن أعمال شبيهة ولكن تقوم بها الدول في أعمال الحرب كضربات جوية أو صاروخية على أهداف مدنية مثلا، والتي قانونا يمكن تسميتها إرهاب دولة.

> بالنسبة لليبيا.فهناك حرب أهلية وداخلها جماعات تقتنع بالتكفير ويحصل تصادم على قطاعات مدنية، ولكن ماينعكس علينا مصرياأن هناك ممرات لوجستية وتدريبية تستخدم لتسهيل أعمال تستهدف قطاعات حيوية ومدنية في مصر، كما تستخدم كذلك لشن – والتحضير لشن -عمليات على أهداف عسكرية وبهذا فهي وإن لم تأخذ قانونا وصف الإرهاب في كل جوانبها فهي أعمال عدائية غير منتظمة تستوجب رد أو استباق استراتيجي ) تتواجد ضمنه مفردات أمنية وعسكرية )اذا أمكن لها التمهيد لها قانونيا وسياسيا بغض النظر عن تدخل إيجابي ما في المشهد الليبي إذا توفرت الارادة له وفرصه.


10-8-2014

كيف يمكن القضاء على داعش عسكريا؟

 نوقع مابينهم وبين إسرائيل
.. 🙂

كلام بجد، لايمكن القضاء على داعش عسكريا، ولكن ممكن تحجيمها والسيطرة عليها استراتيجيا ( بما يشمل استخدام أنماط من القوة العسكرية والمخابرات-أمنية بلاريب ). ولكن مهم بداية إدراك طبيعة الظاهرة ومولداتها.

الظاهرة نفسها ليست جديدة ، فعرفنا تاريخيا فرقتين على درجة عالية من الفدائية والعدوانية والقدرة على التجنيد والتصفية وطرح أهداف مطلقة في غيبيتها ومعصوميتها ،ودائما ماتتواجدا في فترة يتهاوى فيه بناء سياسي واجتماعي متماسك.. الخوارج والحشاشين. علي لم يقتله معاوية ولكن الخوارج، وصلاح الدين بكل هيلمانه وقف عاجزا أمام قلاع الحشاشين حتى استطاع عبر وسيط عقد هدنة، وهؤلاء الحشاشين أنفسهم فتكوا ببعض قيادات الصليبيين ولم يستطع أن يفكك جذورهم العسكرية إلا قوة كاسحة أخرى وهم التتار.

على كل.. ظاهرة داعش هي الدرجة الأقصى في خط التطور الزمني لظاهرة الاسلام التكفيري والذي استفاد للمفارقة من صعود وهبوط الاسلام الحركي السياسي معا.. ثم التشرذم السياسي والاجتماعي والعسكري وكذلك انتهاكات الأنظمة بشكل يقتل فكرة الانسانية والتعايش مع الدم- حتى كمنطق ضمن الصراع العسكري محفوظ قيميا وقانونيا – كما في سوريا وليبيا وبدرجة أقل مصر، كل هذا شكل روافد للظاهرة، والتي استفادت بالطبع من الضعف التقليدي للجيش النظامي أمام نمط حرب العصابات حتى لو كان جيشا محترفا وذا قدرة قتالية ومعنوية عالية، فمابالك بالحالة الرثة للجيوش
الحالية.

كل هذا مفيد في مسألة هامة، أنك دون معالجة كثير من الروافد والاحتقانات السابقة فلايمكن تطوير منتوج استراتيجي ناجع في محاصرة الظاهرة. بل حتى الحسم العسكري في موقعة كبيرة أو مواقع صغيرة ، وإن كان مفيدا في ضرب الأنموذج التي تخاول داعش تفخيمه وترويجه لاستمالة قطاعات من الشباب اليائس والمحتقن، فهو لايكفي .
>
نقطة أخرى هامة، وهي أنه هناك قواعد وخطوط استراتيجية عامة للتعامل مع داعش وأمثالها، ولكن تنزيل هذه القواعد في استراتيجية محددة تعتمد على الطرف المعني بتصنيعها وتطبيقها.. من حيث أهدافه وموارده السياسية والشعبية والعسكرية والقيمية وحدود التحجيم الذي يسعى لفرضها والبيئة التي يتحرك فيها..> > مثلا… ربما مايشغل الأمريكي أو السعودي هو درجة ما من الاجهاد والمحاصرة جغرافيا ونوعيا، وربما مايشغل أطراف في المقاومة السورية والعراقية – والتي لم تنضج بعد- هدف آخر من اﻻزاحة والاخضاع وتقليل الموارد والدفع لقتال الطرف الثالث دون الدخول في
نزاع ممتد، وربما مايشغل المصري ضرب خطوط الاتصال الفكري والبشري والعسكري بين داعش وخلايا بمصر ومنع تكوين حرم إرهابي لها في سيناء… وهكذا

كل حالة مماسبق قد يقتضي استراتيجية مختلفة، ولكن القواعد شبه واحدة

1- العزل بين داعش والحاضنة الشعبية وإفساد قضية الأولى.. وهذا يشمل خطوات إصلاح سياسي وأمني وقانوني، والاستفادة من استهتار الأخيرة بالدم – دون بذل جهد ايجابي يمكن كشفه في توريطها به- ورفع مستويات الأمان الاجتماعي والمعيشي للشرائح المستهدفة، والحرب الفكرية.. وهناك خصوصية كبيرة للأخيرة خصوصا لتلميسها مع مشكلات فكرية جسيمة أثارتها ظاهرتا الاسلام الحركي من ناحية والتفلت العلماني من ناحية أخرى

2- استخدام اﻷدوات المخابراتية بحرفية ولكن مع التزام صارم بالقانون في تفكيك شفرات الخلايا العنقودية بالتنظيم وزوائده الاقليمية وموارده دعمه الاقتصادي والبشري واحداثياته وديناميكياته الداخلية.. وهذا يقتضي التحرر من رد الفعل الانفعالي وبناء أدوات للاختراق الأمني
>
 3- عسكريا.. دائما الفكر العملياتي يسعى لقضيتين في هذه الحالة.. دفع هذه المجموعات للتصرف خارج مظلة قوتها الاستراتيجعسكرية، وتطوير القدرة النظامية لتتعامل مع الخطر غير النظامي..

في الأولى.. مثلا استدراج لاشتباكات مفتوحة وتكوين الحركة قدرات نظامية ممايغري باستخدامها والخروج من مناطق الحماية الخاصة والمدن وهذه الاغراءات بأساليب مخابراتية أو الخداع العسكري أو الاستفادة من تطور تلقائي تقوم به القوة غير النظامية ك م ت ف في جنوب لبنان.

أما الثانية.. فتشمل تشكيل قدرات شعبية حليفة اما تشترك في مهمة الاصطياد العسكري وتستفيد من شكلها غير النظامي ومعرفتها بالبيئة المحلية ودعمها، أو يتم استخدامها في الأمن الدفاعي ممايفرغ القوات النظامية من هذا العبء.

ولكن الأهم هو إحداث تحول وتطوير شامل في القوات النظامية – بمعنى أدق الجزء التي يتم تشغيله منها في هذه المهمة.. بحيث يشمل الفكر العملياتي القاءم على العمليات الخاصة ذات القيادة اللامركزية والاسناد الجوي التكتيكي والتبعثر الكمي والجغرافي والتدريب المتقن والفدائية.. وهذا يفرض تعديل في نوعية التسليح ممايوفر مزيجا من السرعة والحماية على حساب قدرة النيران، وفي طرق التدريب والقيادة والسيطرة…

وكمنطق عام للعمليات العسكرية فهناك قدر من المرونة والمزاوجة بين المركب النظامي وغير النظامي على حسب مسرح العمليات وطبيعة حركة التمرد نفسها.. فهي حين تختار مثلا توسيع المركب والنمط النظامي يكون من الغفلة للجيش الركون لنمط غير تام النظامية على مستوى الحشد وقوة النيران والأسلحة المشتركة.. وهذا مااكتشفه الاسرائيلي في 2006 مثلا

فأحيانا يتجه المنطق العملياتي ل: طارد صفي نظف سلم لقوات أمنية وبنية حكومية، وأحيانا يتجه للحشد المتوسط والانتصار التكتيكي، وأحيانا يراوغ ليدفع المقابل أن يحتشد في معركة كبيرة ويسحقه فيها.

4- والقاعدة الأهم هي تطوير منظومة قيادية عليا استراتيجية تشرف على كل النثريات السابقة وتحدث قدر من التوازن بيها -الذي هو بدوره يتغير على حسب مرحلة العمليات، وتجمع الأدوات المتاحة عسكرية وأمنية وسياسية واقتصادية وفكرية وشعبية…

في الأخير.. هذا النوع من الحرب هو في حقيقته صراع على نموذج نظري ومدى اقناع المحيط الشعبي به، وقدرة طرف ما على فرض نموذجه وتنمية موارد اعاشته الشعبية والمعنوية والعسكرية والسياسية، وضرب النموذج الاخر وموارده، هي التي تحدد من المنتصر.

كتبت هذا على عجل، وهو أقل بكثير ممايحتاجه المقام ولكن ربما فيه تقدمة مناسبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى