تحليل استراتيجيقراءات استراتيجية

حول المستقبل الأمني للخليج – 2

9-10-2016

تكملة للحوار حول الوضع الأمني للخليج: هل قل الاهتمام الأمريكي بالخليج نظرا لتوفر بدائل للبترول، وكذا بسبب ضعف التوظيف الديني للسعودية في الفترة الأخيرة – انقضاء لما يعرف بسياسة (تعبئة الإسلام) والذي شمل كذلك دور الحركات الإسلامية في مراحل مختلف وفي فترة الستينات وأيضا منظمة المؤتمر الإسلامي؟


بعض الملاحظات:
1- من حيث المصالح والدوافع الأمريكية.. فالبترول لايزال مهما لاعتبارات:
هناك صعوبات ومخاطر في توسعة البترول الصخري كمصدر أساس.. لايزال البترول يمثل 40% من مصادر الطاقة أمريكيا و90% من الوقود.. وكان البترول الخليجي حتى 1993 يمثل مصدر بحوالي 30% والآن انخفض ل 18%.
ولكن حتى مع هذا – هناك خاصية مهمة في استيعاب سوق الوقود – ففضلا عن اعتماد شطر من حلفاء أمريكا على بترول الخليج حتى الآن كاليابان ودول أوروبية – فسوق البترول تتأثر إن حصل اضطراب في مصدر الخليج، وهذا يقود بالتالي لارتفاع الأسعار عموما..
قرأت دراسة حديثة تقدر أنه إذا انخفض بترول الخليج للنصف، سيؤدي هذا لفقد أمريكا 500 بليون دولار – أي 3% من الدخل القومي.
2- مسألة تعبئة الإسلام حاضرة طبعا في كل الأوقات وكل السياقات حتى الآن.
السياق الحالي مثلا – بدأ في الألفية بتصورات المحافظين الجدد حول (الإسلام المعدل) والصيغة الأردوغانية كبديل للأنظمة التقليدية.. ثم توقف لأسباب معلومة.
ثم ظهر ثانية مع الربيع العربي بدرجة عالية من البراجماتية ( في مقابل هوس المحافظين الجدد السابق).. ثم تعثر.
والآن السياق هو في الحرب الفكرية للإرهاب والتي تدخل فيها كل جوانب (الإسلاموفوبيا).. ولهذا – فالعلاقة مع السعودية – مثلا – يراها الأمريكيون عبئا في تلك الحرب الفكرية .
القصد – أن الخليج خرج بالكامل من مسألة (تعبئة الإسلام) منذ الثمانينات.. ومع ذلك ازداد التواجد والالتزام الأمريكي عسكريا.
ولكن سياق التنافس مع السوفيت بالإطار التحالفي في الشرق الأوسط كاستكمال لدائرة (الاحتواء)
containment
التي كان رائدها دالاس.. كان في الخمسينات والستينات بشكل أساس.. وكان أهم مشروع تطبيقي لها، فضلا عن دعم الخط التقليدي (السعودية والأردن والمغرب) في حربها الباردة (والحارة في اليمن) أمام عبدالناصر، كان حلف بغداد (وإن لم توجد به السعودية).. الذي فشل بشكل ذريع كما تعلم.
إجمالا – أمريكا فوضت أمن الخليج لبريطانيا أمن الخليج تبعا لسياسة الأخيرة (شرق قناة السويس) والتي استمرت حتى 1971 حين تخلت بريطانيا عن هيمنتها الرسمية وأخذت إمارات الخليج في استقلالها.
في السبعينات – كان الاعتماد الأكبر على التوازن الإقليمي عبر حلفاء – بالأساس إيران والسعودية (مايُعرف بسياسة
Double Pillar
وبشكل ما العراق، وإن كان التعويل الأهم على إيران الشاه.. لكن لاحظ في تلك الفترة – تم دخول مصر السادات في السبك الاستراتيجي الأمريكي للمنطقة، وقامت بأدوار كما تعلم حتى في القرن الأفريقي.
لما قامت الثورة الإيرانية، ودخل السوفيت أفغانستان.. بدأت أمريكا تزيد تدخلها العسكري المباشر.. عبر إنشاء (قوات التدخل السريع) أول الثمانينات، والتي قادت بعد ذلك لإنشاء (القيادة المركزية) .. مركزها المتقدم الآن في الدوحة.
وكان المنطق الاستراتيجي الذي حكم هذه الفترة يُعرف باسم (في الأفق)..
On the Horizon
أي عدم التواجد بكثافة، ولكن القدرة على التدخل السريع. ولكن استخدام الخليج ومصر والأردن الأساس  كان في البيئة الأفغانية ودعم العراق ضد إيران – كما أشرت أنت.
بعد حرب الخليج 91 –  تغيرت السياسة العسكرية للتواجد الكثيف في كل بلدان الخليج  كما أسلفت (6 قواعد عسكرية دائمة، مع تسهيلات في مختلف القواعد).. وإن كانت تقريبا كل القوات انسحبت من السعودية على مراحل.
السياق المقبل – غالبا – سيتحول لتخفيف التواجد (العسكري المادي، وأيضا الالتزام) وليس انهاؤه.
3- لا أتفق أن منظمة المؤتمر (التعاون) الإسلامي كانت جزءا من سياسة تعبئة الإسلام.
المنظمة تم إنشاؤها ردا على حريق المسجد الأقصى 1969 في سياق مختلف تماما، وكانت الفترة حينها تشهد انتهاء للحرب الباردة العربية وتقارب كبير بين ناصر والخليج – بعد حرب 67 – وأدى هذا كما تعلم لإنهاء حرب اليمن.. وسياسات المنظمة كانت جيدة  الحقيقة ولم تكن مع السياسة الأمريكية (نقدنا لقدرتها ودورها أوتطورها بعد ذلك شيء آخر)..
فمثلا أوقفت عضوية مصر مؤقتا بعد معاهدة السلام.
ولو كانت هناك إرهاصات فكرية للمنظمة – فهي بلاريب – دراسة السنهوري باشا الله يرحمه، عن (الخلافة).. وأوصيك بقراءتها، وقد ترجمتها المنظمة ونشرتها، وقدم لها توفيق الشاوي -، وزوجته (ابنة السنهوري) – رحمهما الله
4- الحديث عن الإخوان متفق معك فيه طبعا، وكان لهم دور جزئي ومحدود في فترة ناصر بتحالفهم مع السعودية، ثم دور هام جدا في فترة السادات (دولة العلم والإيمان) لأهداف محلية (ضرب التيار اليساري والناصري واحتواء التململ الاجتماعي من سياسات الانفتاح عموما) وأيضا خارجية (تأييد السادات في سياساته ضد الشرق الملحد)..
وأعتقد أنه من أسوأ الاستخدامات فعلا كانت (أفغانستان) .. وهي تراجيديا مكتملة.
وبخصوص الفترة القريبة.. كان لي مقال نشرته في يناير 2012 (هل يخاف الغرب من مرشح إسلامي للرئاسة؟)…
https://drive.google.com/file/d/0B3R3f5iENLhfTDJrZGFVN3lIeVE/view?usp=sharing

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى