23-4-2016
حوار حصل مع أحد الأصدقاء حول حراك (مصر ليست للبيع) وموضعته في المسار السياسي المطلوب أو المفتقد.
لم العزوف عن الكتابة في الشأن العام؟
ربما العزوف له أسباب موضوعية وشخصية ذكرتها سابقا، أهمها مثلا – أن مايمكن أن أقدمه يقتضي استعدادا غير حاضر بعد للسماع والمراجعة – إدراكيا ونفسيا – عند الأطراف المختلفة،
وإذا وضعت هذا بجانب شعوري بتقديم شيء تأسيسي في مجالات مهمة (العلاقات المدنية العسكرية وفهم المسار السياسي بعد يناير، والدراسات الاستراتيجية، وتجديد الفقه السياسي) على اليوتيوب يمكن الرجوع لها، ووجود قناة تواصل سهلة نسبيا معي (بالإيميل أو على اليوتيوب)، مما يقلل إلحاح مسألة كتم العلم، يصبح التشاغل بواجبات أكاديمية ومهنية وأسرية – مع بعد المكان ومرارة التجربة الماضية- أكثر أولوية.
حتى مشاركتي في الجامعة الأمريكية في نوفمبر الماضي كنت أراها مطلوبة لنفسي، أكثر من تقديري لأي أثر إيجابي لها. في وقت معين – خصوصا بعد انحسار المسار السياسي المشوش والذي أختلف معه في كل شيء: أخلاقيا وسياسيا واستراتيجيا- فلا تفرق تضحيتي المحتملة معه سلبا أو إيجابا – شعرت أنه من واجبي أن أثبت موقف ضد النظام بجهد متواضع، خصوصا مع التألم من الشعور بحالة السلامة الشخصية وماقد يشبه (الهروب) من بطش النظام آمنا في الغرب.
فواجبي – حتى لو في سياق أكاديمي محدود وثانوي، وحتى مع ارتفاع تكلفة المخاطرة – كوني على قوائم الترقب – أن أوضح بجلاء تقييمي له وأعريه، وتصوري للمسار السياسي المقبل وكيفية التعامل معه.
شايف يوم 25 أبريل سيكون حدث ضخم، وموضوع نزول الجيش ودعوة صدقي صبحي للاصطفاف؟ وهل يكون أي تغيير مجديا حتى لو كان شخص عسكري آخر بحيث نخرج من هذا المستنقع؟
لا خالص. الجيش نزل كثيرا من قبل، ذكرى تحرير سيناء هي عود مهم في حزمة استعلائه الوطني فلايريد أي قلاقل واسعة فيها. وصبحي دعوته للاصطفاف يقصد مع الدولة. وبالمناسبة – الرجل فعلا ليس أقل تصلبا من السيسي.
تراجع هالة السيسي وشعبيته تفتح الباب لصبحي أن يتمطع قليلا، ولكن طبيعة المؤسسة والتمارج بينها وبين السيسي في الشعور القَبَلي وتصور المصلحة والخطر (فضلا عن أدوات داخلية لصنع الولاء ومكافحة أي بوادر للانشقاق) يجعل بعيدا جدا تدخلها ضده.
القصة ليست هنا. بالتأكيد تصاعد الاحتجاجات والنقمة الشعبية ضد النظام شيء إيجابي على وجه العموم، ولكن هذا ليس معناه تدخل المؤسسة، أو بالضرورة أن تتسع الاحتجاجت لتشمل كتلة شعبية حرجة.
في غياب قيادة ومشروع سياسي بديل، فحتى لو الفرض (الخيالي ضمن الظروف الحالية) أن هناك تمرد شعبي واسع، أوأن هناك حتى تدخل للجيش محتمل. هل يكون هذا في المصلحة الوطنية؟
لكن بشكل عملي.. الناس لن تتحرك – وليس بالضروري أن يكون تحركها مصلحي – بدون وجود هذا البديل.
والجيش لن يمارس ضغطا إيجابيا – أو حتى سلبيا –
active/passive
على السيسي دون أن يجد حراكا متكاملا أمامه، وفي نفس الوقت مسار مُطَمئن.
يمكن النقطة هذه أشرت لها في ورقة الجامعة الأمريكية.
ليس بالضرورة أن أي تغيير يكون إيجابيا، وتجربة الخمس سنين ماثلة أمامنا.
ولعلك تذكر مقالي قبل الثورة بشهر (ديسمبر 2010) في القدس العربي، الذي كنت أحكي فيه عن شرط الحركة الوطنية لنجاح الثورة، والذي طغي علينا شعورنا وتعلقنا الوجداني بالثورة لسنين في كبح تصورنا المنطقي حيالها.. حتى مع وجود تقييم سلبي ومبكر للمآل.
وهناك الآن كمية من الفراغ والقنابل الموقوتة (مشكلة فاتورة الدم والعدالة الانتقالية، مشكلة الجيش والتعامل معه، مشكلة التيار الإسلامي وإعادة موضعته بعد تغييرات بنيوية مطلوبة فيه ومنه لاتزال بعيدة) لو لم تُحل، أو على الأقل يوجد تصور وقدرة ما على حلها.. فأي تغيير عفوي (نستبعد حدوثه حاليا إلا في حال قدري كاغتيال) سيقود لكارثة ومتوالية انفلات وعنف لايمكن تصور حدها.
طيب – برضه شايف حراك (الأرض ليست للبيع)، ومظاهرات الاثنين شيء إيجابي ؟
إجمالا طبعا شيء إيجابي.. ولكن أعتقد أن هناك نوعان من النجاح.. نجاح على المستوى التكتيكي، أي القدرة على تنظيم فعاليات متزنة تقدم معارضة حقيقية للنظام، وتخرج الشباب من حالة الإحباط أو الاستغراق في الثورة الافتراضية على الفيس بوك.
ونجاح استراتيجي – بمعنى أن تُقدم خميرة يمكن البناء عليها. بمعنى: مخاطبة الرأي العام، وتطوير الاحتقان ضد النظام، والأهم: كونها فرصة لتكوين الحركة الوطنية .
وأنا هنا أحكي عن نموذج من (التوظيف الاستراتيجي) للفعاليات والملفات الجزئية، يمكن تعميمه وليس في ملف الأرض فقط.
ولكن هناك شروط لابد من توفرها لتحصيل كل من النجاح التكتيكي أو الاستراتيجي.
أنا مش شايف فيه أمل في الوضع العام عموما
فيه أمل طبعا.. ولو قارنت الوضع الآن بسبتمبر 2013 (حين كنا أمام فاتورة دم هائلة وخطر شديد على فكرة وحالة الدولة في سياق إقليمي منهار) أو يونيو 2014 (خروج السيسي مما سبق بهالة ضخمة عن قدرته وأهميته وإيمان مطلق بالمؤسسة العسكرية) أو 2015 (أوهام المشاريع الكبرى، وخطر الإرهاب وإدارة هذا الخطر).. ستوقن أن هناك أمل بل تقدير حقيقي للتغيير.
معادلة التغيير بالفعل سهلة التحقق.. ولكن مشكلتها في وضعنا الحالي أنها تحتاج بعض الوقت، لأنه لايوجد نخبة حالية قادرة على فهمها وتطبيقها، ولهذا عامل الزمن والخض والعجن المطلوب والإفلاسات المتعاقبة لتنعيم الحواجز الإدراكية والنفسية أمام تطور هذه النخبة.. وعامل الزمن مطلوب أيضا لاستفاقة الناس من الأوهام التي صنعها النظام، والتي ساهم هو والإخوان في تشكيل مقولاتها (تهديد الدولة ، المؤامرة الكونية، هالة السيسي والجيش – في مقابل – التكفير والشيطنة، جدوى العنف، الثورة بالاستدعاء ولأجل استعادة شرعية أو سلطة فقدت كل قواعدها..)
وواضح طبعا، أن الشق الثاني في المعادلة (أي استفاقة الناس) أسهل كثيرا – وبيحصل فعلا – من الأول!
مفيش حد عنده القدرة على صناعة البديل دلوقتي. وإزاي نصنع بديل هذا سؤال لاأحد يعرف إجابته عمليا!
صحيح. ومن هنا تأتي أهمية هذه الحراكات ، لأنها تساعد – وفق شروط معينة كما أسلفت – خصوصا إن أُحسِن توظيفها استراتيجيا.. أن تصنع البديل.
كيف، وما هي تلك الشروط؟
لأن البديل اللي هو أفكار جديدة، وقيادات شبابية جديدة، وعلاقات تجميعية ناضجة بين القوى والتيارات المتلائمة مع النسق الديمقراطي (وهذا يخرج الإخوان، أو المؤمنين بالعنف، أو الموالين للمؤسسة العسكرية من القائمة)، ووسائل لاستمالة حاضنة شعبية عبر سياسات بديلة وتعرية الخاصة بالنظام، وتطوير القدرة التنظيمية للقوى السياسية، والخبرة الفنية اللازمة لصنع سياسات بديلة ومقنعة..
كل جوانب عملية صنع البديل تلك لاتُصنع في المكاتب وبمجرد التنظير (حتى مع أهمية الرؤية النظرية فيها)، ولكن بالاشتباك مع ملفات عملية (يتراكم أثرها في كل ماسبق بشكل تدريجي ومنظم) تساعد في تخليق ماسبق.. مع الاستفادة مع تصاعد الاحتقان (والوعي) الشعبي ضد النظام والذي لايمكن للأخير أن يتفلت من إفادتنا به مع الوقت – لخلله البنيوي.
أما الشروط الأساسية – أحكي عن السياق الاستراتيجي – أننا نفهم ذلك ونتعامل مع تلك الحراكات على هذا الأساس (استغلالها لتطوير مكتسبات في كل جوانب معادلة التغيير السابقة)، وليس مجرد تنفيث عفوي، أو حنين نوستالجي لمشاعر ثورية سابقة، أو انتفاضة مقصودة من حالة الإحباط للشباب (وإن كان قدر من هذا مطلوب ولايضر)، أو طرح أوهام بإسقاط النظام.
خطورة الأخيرة، ليست فقط أنها روشتة سريعة للعودة للإحباط – لأن الحالة أبعد مانكون عن إمكانية ذلك، ولكن لأنها تُجفل الحالة الشعبية وتقدم ذريعة لخطاب وسلوك النظام التصفوي للحالة المعارضة الناشئة، فضلا عن خطورة تماهيها مع الحراك الإخواني كخطاب أو مشاركة(مع أنه بالأصل في أضعف حالاته)..
بالتأكيد – مهم أن تبقى هناك عناوين راديكالية وثورية في الحراك المعارض (مع التزامها بالطبع بمسألتي السلمية والدمقرطة)، ولكن الغالب يجب أن يكون عدم الدخول حاليا في معركة صفرية سريعة مع النظام مع عدم إقراره على شرعيته، أو سلوك تهييجي، ولكن الالتزام بعناوين ومنجزات تصعيدية محددة في ملفات الأزمة السياسية والاجتماعية.
ونقاط أخرى تعلمها:
تطوير العمل والتفكير الجماعي بين التيارات (خصوصا مع القطيعة السابقة).. وهذا يقتضي مراجعات حقيقية على مستوى الأخلاق السياسية والخيارات السياسية والاستراتيجية.. فيقود الحوار المشترك لإدراك القوى المدنية المعارضة خطأها في الإقرار الضمني بشرعية النظام الانتقالي وماأسفر عنه حتى وقت قريب، وعدم نعايتها بصوت عال – وعلى الأقل مساو بينه وبين الإخوان – على مسئوليته في فاتورة الدم..
وكذلك يدرك التيار الإسلامي الديمقراطي (أبو الفتوح تحديدا)، مشكلته في الخلط بين رفض مسار السلطة الانتقالية وبين ضرورة المرحلة الانتقالية أساسا، وكذلك عدم نعايته على مسار الإخوان الكارثي بشكل واضح (مقارنة مسألة ببيانه المُجر ّم لمكتب الإرشاد في أحداث الاتحادية – وقد كان جرمهم أهون كثيرا من مسار مابعد يوليو 2013)
المقصد – أن المشاركة في تلك الحراكات إن تجاوزت مجرد التوقيع على ورقة بيان، إلى لجان ولقاءات منتظمة وتدخل في صلب المراجعات والتفكير الجمعي لما يأتي – تؤدي لثمرة حقيقية في تشكيل حركة وطنية جماعية.
مشكلة التيار الإسلامي الموالي للإخوان – وحزمته الشبابية الواسعة – حلها يقتضي سياقات أخرى، ولاأعتقد أننا يمكن الخوض فيها دون بناء البيت .. الديمقراطي الثوري أولا، ويقتضي من شباب التيار الإسلامي وقتا ومراجعات ذاتية أكثر احتكاكا وجذرية في مساحة الأفكار وهذه صعوبتها، فضلا عن هبوط هاديء وتدريجي وبأشكال وعناوين جديدة على الحالة الشعبية..
أيضا – مهم تصدير نخب جديدة وغير محروقة للحراكات المختلفة، ولها حيثية مرتبطة بطبيعة الأزمة السياسية والاجتماعية التفصيلية (مثلا معتصم مرزوق في مسألة الجزر)..
الخلاصة – الاستفادة من كل حراك في منتوج: النخب والتنظيم والتواصل الشعبي وتعرية النظام وتطوير بديل سياسي وفني، ليبدأ الحراك التالي في الملف التالي برصيد أكبر وهكذا…
ومع الوقت – يبدأ الصراع على المساحات السياسية، وليس الاكتفاء بالاحتجاج.
يجب فعلا التركيز في القضايا التي يرتكز عليها الحراك فقط، دون هتافات الشعب يريد إسقاط النظام وتهييج الناس إن خلاص نهايته قربت، وهذا يستفزه ليقفل مزيد من المساحات الممكن انتزاعها
ولأن هذا سيضيع فرص وأوقات وجهود كامنة لتصنيع البديل الذي نحكي عنه. ولأنه يزهد الناس في هذه الحراكات وأصحابها (خصوصا بعد التخمة والكفر بأفعال الاحتجاج والثورة الحاصلة منذ 2011 بالمناسبة بسبب سلوك الشباب للأسف – ولعلك تذكر ماكنا نقوله حينها بخصوص لجان المتابعة الثورية واختراق الحالة الشعبية، ثم بعدها تطوير التجارب الحزبية)، وتجعلهم قابلين النظام أكبر بالرغم من احتقانهم ضده وانهيار شعبيته.
تعلم ماهو الأثر الاستراتيجي المطلوب تحقيقه من كل مانحكي فيه عن حراكات وتصنيع البديل؟
هو تغيير الصورة الذهنية عند قطاع شعبي غالب بخصوص كل من القوى السياسية المعارضة للنظام في مقابله.
لو أسألك ما هوانطباع الحالة الشعبية العامة عن كل من: شباب يناير، الأحزاب القريبة من خط يناير، الإخوان… ماتجيب؟
عندهم نفور شديد منهم، سير كلها سيئة الذكر عند رجل الشارع العادي. فشلة وسبب الفوضى اللي حصلت ووقعوا البلد
نجيب بشكل تفصيلي لأنه مفيد.. انطباع القطاع الشعبي الغالب أن هؤلاء فشلة ومهووسي سلطة صحيح..
لكن نظرتهم تجاههم فيها بعض تباين: الأحزاب وقياداتها مجرد مناكفين ليكسبوا نقاط في انتخابات وليس لهم تواجد شعبي..
الإخوان متاجرة بالدين ورغبة في تفكيك الدولة وإلا يحكموا مع ممارسة العنف
والشباب لايتقنون إلا التهييج وهوس الفضائيات مع الدعم الأجنبي..
طيب كل جوانب صنع البديل مهمة (أفكار، قيادات، علاقات، تنظيم، تفاعل شعبي)، ولكن في الأخير كل هذا يهدف لتغيير تلك الصورة الذهنية السائدة لتكسب قناعة حقيقية بالقدرة والاستقامة في مقابل تلك الخاصة بالنظام.. حينها يمكن أن يحصل التحرك، ويقود التحرك فوق ذلك لنتيجة إيجابية وطنيا!
فما هي الحماقة الحقيقية؟
أنك في فعالياتك، كل طرف يُرسخ الصورة الذهنية السلبية تجاهه، بدلا من تعديلها واستبدال أخرى مطلوبة بها!
وفي موضوع حراك الجزر؟
نفس ماقلناه.. لكن لاحظ أمر آخر:
ما يضايقني حقيقة، أن العنوان الأساسي للحراك سيء بالفعل.
المشكلة لا ينبغي أن تكون في المبالغة أن النظام فرط في أرض مصرية، لأنه فعلا لايوجد إثبات على مصرية أو سعودية الجزيرتين تاريخيا كوثائق معتبرة في القانون الدولي! ولكن ثلاث نقاط بالغة الخطورة:
أن النظام انتهك الدستور الذي بنى شرعيته عليه، ودلس فيه – مسألة احتياج تعديل السيادة لاستفتاء شعبي-
وأن السيسي- ونظامه – يتعامل مع الشعب باحتقار شديد، تبعا لقناعته الغبية (والتي أظهرها مبكرا وهي نتاج للعقلية العسكرية والأمنية التقليدية التي لم تهذبها أي ممارسة أو وعي بالسياسة) أن الدولة هي من تحكم (دون تمييز داخلها بين سلطات ومؤسسات مقيدة بنسق دستور وديمقراطي) في مقابل شعب يُحكم.
وأن السياق كان أشبه بعملية بيع وشراء.
الحقيقة – جعل مستند التصعيد الشعبي ضده بناء على هذه النقاط ليس فقط مرتبط بالمثالية الموضوعية (طبعا عمرو حمزاوي طرح النقطة، ولكن قراءته التفصيلية خاطئة فعلا لأنه جزم بسعودية الجزر ولم ينتبه لكل التعقديات التي ذكرناها في إيميلي السابق عن تيران – سواء في تنازع الأحقية التاريخية، أو قانون البحار، أو حساب الجدوى الاستراتيجية والمآلات)، ولكن لأن جزء من بناء مصداقية المعارضة ونضجها الدولتيناتج عن هذا..
وهذا ليس فقط محوري في الرسالة والانطباع وال
narrative
الذي تريد تعديله شعبيا تجاهك، ولكن حتى في خطاب موجه للجيش وحتى للنظام نفسه.
هذه مسألة معقدة فعلا، لأن جزء معتبر من دواعي سلوك المؤسسة العسكرية وتصورها نابع من قناعتها باستعلاء (تراه مبررا) على المدنيين سواء في الشق الوطني، و القدراتي.
بمعنى – جزء من هياج المؤسسة وحتى السيسي ضد المعارضة المدنية منذ أول يناير 2011، فعلا نتاج تصورها لعدم استقامة تلك المعارضة وفشلها وتعاملها مع الخارج ومصادمتها للمصلحة الوطنية..
هذا التصور طبعا بينه وبين كل دواعي الفساد والبطش – وحتى الجهل – الأصيلة داخل المؤسسة علاقة تغذية عكسية.
كان لي مقال في يناير 2013 عن العقلية العسكرية، تطرقت فيها للجوانب الموضوعية وتلك الزائفة أو المرضية أو حتى المصطنعة في التفكير والسلوك عند المؤسسة العسكرية.
فحين تجد المؤسسة العسكرية والسيسي خطابا انتهازيا و أخرقا -وجاهلا أيضا- في تصوير مسألة الجزيرتين، فهذا يقوي من تصلبها المجابه، وشعورها بالحقانية والاستعلاء.. والحالة الشعبية ليست بعيدة عن هذا.
لكن لو هناك طرح موضوعي وعلمي ومستقيم، وفي ذات الوقت يتناقض مع النظام ويعريه من جوانب أكثر خطورة وأساسية.. فالثمرة بشقيها- الهدم والبناء – تكون أكبر.
وتكتيكيا؟
هذه مسألة متعبة جدا الحقيقة.. تدعو لفعاليات في مسألة ومناخ شديد الحساسية، وبعد نتيجة إيجابية يوم الجمعة، المفترض أن تحافظ وتبني عليها، وبطرح خطاب تصعيدي ومبالغ في تصور مايمكن أن يحدث يوم الإثنين.. ومع توقيع قوى تتشارك لأول مرة في حراك منذ 3 أعوام.. ولكن لاتوجد لجنة عمليات للتنظيم؟
لاتوجد خطوط وأماكن واضحة للتجميع؟
لاتوجد معايير معلنة لشروط الحراك من حيث السلمية والمشاركة وكيفية ضمان ذلك؟
والأخطر لا يوجد عنوان سياسي محدد، ومطالب واضحة، ولا حتى حدود التصعيد وكيفية إنهاء اليوم؟!
ثم كذلك إرباك الإخوان (أو قطاع منهم الذي يناكف بخطاب تصعيدي القيادة التاريخية) بخطاب يجفل الكثيرين، ويقدم ذريعة مريحة للنظام، دون مشاركة حقيقية منهم حتى!
وطبعا منصات تصعيد الفيس (السهلة) لكل من هو آمن خارج البلد، ولا يشترك في فاتورة دم محتملة..
نسأل ربنا أن يحفظ دماء الناس على الأقل، حتى لو توجد نتيجة إيجابية أو حراك واسع متزن!
–
[…] https://mohamedboraikblog.wordpress.com/2016/11/26/egnotsell/ […]
[…] وفرض تنازلات عليه، واكتساب ثقة الشارع كنقلة لما بعد.. https://mohamedboraikblog.wordpress.com/2016/11/26/egnotsell/ ولكن من ينفذ؟ هل تحالف الإخوان بكل هوسه ومشكلاته […]
[…] حوار حول (مصر ليست للبيع)، والوضع العام […]
[…] وفرض تنازلات عليه، واكتساب ثقة الشارع كنقلة لما بعد.. حوار حول (مصر ليست للبيع)، والوضع العام ولكن من ينفذ؟ هل تحالف الإخوان بكل هوسه ومشكلاته […]