مع هول الفاجعة اﻹنسانية وتجريم اﻹرهاب بكل أنواعه ودوافعه فالفهم اﻻستراتيجي لظاهرة اﻹرهاب وتطوراتها مهم..
إذا تأكد تبني تنظيم ولاية سيناء لتلك المجزرة، فهذا معناه خطأ كبير في الحساب اﻻستراتيجي حقيقة، وأيضا احتمال وجود عنصر داعشي وافد خلف هذه الخطوة (موجات هجرة داعشية للأطراف بعد ضرب المركز شيء متوقع).
نظريا.. هدف مثل تلك العمليات يندرج في نقطتين:
1- إرهاب القبائل السيناوية بحيث تنحاز لسيطرة داعش وتمتنع عن التعاون مع الجيش والنظام.. خصوصا أن هناك حالة اشتباك بين التنظيم والسواركة تمتد لأشهر.
2- ضرب هيبة النظام وقدرته على حفظ اﻷمن، وإجبارهم على تشتيت قواته ومفارزه اﻷمنية فيسهل استهدافها. بالإضافة للمنطق العام خلف كثير من تكتيكات الإرهاب وهو استدراج النظام لردود فعل (غاشمة) تفتح مجالا لتوسيع دائرة التجنيد والدعم لحركة الإرهاب.
خطأ الحساب هنا هو في نوعية وحجم الاستهداف.. فاﻹرهاب النوعي المحدود للرموز المتعاونة قد يحقق بشكل ما اﻷهداف السابقة، ولكنه تحول لاستهداف عشوائي وجماعي وفي موطن مقدس كالمسجد مما سيؤدي قطعا لخسارة التنظيم لقطاع كبير من الدعم القبلي، وبالعكس حشده معلوماتيا وسياسيا وأمنيا خلف النظام.
هنا يظهر الفارق مثلا بين خط القاعدة وداعش (أنصار بيت المقدس بدأت قاعدية، ثم انتسبت لداعش وواضح اﻵن اقترابها أكثر من سلوك اﻷخير.. في مقابل مثلا تنظيم عشماوي الذي قام بحادث الفرافرة ومن وراء حادث الواحات)، هو إلحاح اﻷول على تمثله كمدافع عن القبائل ومنتصف لهم ضد بطش النظام (وهذا يظهر في نمط العمليات العسكرية واﻹرهابية، وأيضا في الخطاب السياسي)، أما الثاني فبالرغم من توفر قدرات فنية أكبر إلا أن الهوس بالتصفية واللامبالاة بآثار الحساب اﻻستراتيجي واضح أكثر.
ولكن هل يمكن أن يكون الدافع خلف العملية مسألة تبعية المسجد لأحد الطرق الصوفية؟
التصفية اﻷيديولوجية العمياء -والمناقضة لأبسط بديهيات المنطق اﻻستراتيجي- هي أيضا من سمات داعش وماورثته من تنظيم الزرقاوي وأتون الحرب اﻷهلية العراقية.. وهذا حصل مرارا ليس فقط في استهدافات لمساجد الشيعة، ولكن حتى لتفجير مساجد الصوفية واﻷضرحة في ليبيا وحتى حوادث متفرقة في شمال سيناء اﻷعوام الفائتة.
لكن مايجعلني أستبعد هذا الدافع أن يكون اﻷساس في مقابل الدوافع السياسية والاستراتيجية -ليس فقط خلو المسجد من أضرحة بالرغم من كونه صوفيا، ولكن لأن نوعية الاستهداف (ضد المصليين العاديين) وحجمه بهذا الضخامة، فضلا عن التوقيت (ارتباطه بانكسار داعش في المركز، وسباق حول الشرعية الجهادية مع القاعدة بعد حادث الواحات) يجعلني أرجح اﻷخيرة ولكن خطأ في حسابه.
فقط نقطة أخيرة.. أني لا أتخيل الحقيقة أن مسئولية النظام هي فقط في محرد تقصير أمني، ولكن أن مجمل مبانيه وسياساته هي محرك أساس لظاهرة اﻹرهاب، وتمنع بشكل قاطع تطوير استراتيجية حقيقية لمواجهته. (بعيدا عن الهلاوس حول ترتيبه المباشر لهذه العمليات! فهناك عوائق كثيرة في السياق السياسي والإقليمي والحساب الاستراتيجي الجليّ وبنية التشكيلات العسكرية – ليس بالضرورة الأمنية – وعقيدتها ماتقف أمام استنساخ المشهد الجزائري)
الرئيس المصري يتوعد برد (غاشم)! حتى جهله اللغوي لا يبرر استخدام هذا اللفظ فضلا عن تطبيقه.
أقل النقاط.. أننا لسنا مدعويين أصلا كمواطنين (وكحالة سياسية تم قهرها) للحديث أو معالجة هذا (التقصير).
نسأل الله اللطف والرحمة للشهداء. وأن يرأف بحال شعبنا الذي يعاني
هذه ورقة عمرها 3 سنوات حول مكافحة الإرهاب السيناوي.
https://drive.google.com/open?id=0B3R3f5iENLhfU29Uak5RTFBIdnc
ذات صلة