Scroll Top
السياسة المصرية

26-12-2016

تعليق على مقال نائب مرشد الإخوان

http://www.ikhwanonline.com/Article.aspx?ArtID=228890&SecID=214

بالرغم من أن هدف المقال هو تأكيد (الطاعة) للقيادة الرسمية ومحاولة التذكير بمسألة رفض العنف.. إلا أن به كثير من الاستطرادات دون توضيح الرابط بينها وبين الفكرة الأساسية، ولم يفند بوضوح دعاوى المخالفين بالداخل المرتكزة على مسألتين: مسئولية القيادة التاريخية عن فشل المسار وماتبعه من خسارة فادحة سياسية وفي الدماء، ونقض قواعد الشورى والتلاعب بها.
ومع إقرارنا أن المأزق الهائل الذي يعيشه الوطن والأمن، ويعيشه أيضا الإخوان بما في ذلك حتى أزمتهم الداخلية.. لن يُحله أو يُعقده مقال!
على أن مالفت نظري أن المقال أبقى على نفس السردية والألفاظ التي تؤسس لفكرة العنف المسلح وعدم أهلية القيادة التاريخية للمفارقة.. أذكر مثالين:

 الأول: أن الإخوان (ليسوا مجموعة من الملائكة) كما استفتح المقال، ولكن في المقابل لم يرتكبوا أي خطايا غير عدم تقدير قوة  الخصم والدولة العميقة وبعض (التجاوزات البشرية ردا على جرائم النظام)!

يعني تحمل المسئولية الأكبر في إجهاض الثورة ، والتفاهمات الخاصة -ومنذ أول الوقت – مع النظام بأشكاله والأمريكان، والسكوت عن المذابح والانتهاكات للشباب وتبريرها (منذ جمعة الوقيعة والجيش خط أحمر بعد 9 أبريل 2011) حتى وصلتللإخوان ، ونقض كل العهود وخرق قواعد الديمقراطية وحدود التفويض السياسي و(الشرعي) والحكم الرشيد طلبا للسلطة والهيمنة غير المُتاحة أصلا!، وتقديم أهل الثقة والخضوع لا الكفاءة حتى في أهم منصب بالدولة، وخطاب تشقيق الجيش وطلب التدخل الخارجي وممارسة العنف من أول لحظة بعد 3 يوليو، ودفع بالآلاف للمحرقة لأجل غرض سياسي غير مقبول لا من حيث الإمكانية ولا الشرعية السياسية، وشيطنة الخصوم والمخالفين (ومنهم الكثيرون ممن خالف في رأي سياسي فلم يشفع من تخوينه أي أخوة في الدين أو سابقة عشرة) ، والسكوت لفترة عن الخداع في تبني شريحة من الإخوان الإرهاب مع إعلان شعار (السلمية الفاعلة، وسلميتنا أقوى من الرصاص).. كل هذا لاوجود له!.

فأي إقرار بعدم ملائكية الإخوان وتحمل القيادة لشطر كبير من المسئولية يكون؟!

وكيف تطالب من رأى (الآلاف  يُسحقون ظلما لأجل قضية شريفة ومسار مقدس) بأن يقبل بتهدئة أو لايلجأ لعنف وإرهاب؟

الثاني: هل يُعقل أن يكون الدفاع عن فشل المسار الإخواني قبل وبعد 3 يوليو 2013 وماتجلى فيه من فشل الثورة، وخسارة هائلة في الدماء وتشريد آلاف الأسر، وفي خسارة حتى القاعدة الشعبية – يكون بالقول أن إنجازا مهما قد تحقق وهو (فضح النظام العسكري)!

فهل هذا الخطاب هو ما سيجعل الشباب يعتقدون أن القيادة التي تتحدث بهذا الطريقة هي فعلا قيادة مؤهلة وحكيمة – فضلا عن كونها أخلاقية وتصون دماءهم ومستقبلهم؟!

———————————–

الحقيقة  – دون حصول مراجعة حقيقية فلا يمكن التقدم خطوة في أي مسار أو إصلاح خارجي أو داخلي: 

دون تحمل قيادة الإخوان المسئولية وتوضيحها لحجم كارثية المسار السابق،

وأن الصورة لم تكن فقط (جماعة ربانية اضطهدها نظام فاجر)، بل هناك خطايا سياسية وأخلاقية حقيقية ارتُكبت لاتقلل بالتأكيد من جرائم النظام ولكن مسئولية الدم مشتركة ولايتحملها فقط النظام بمختلف تكويناته وإن كان يتحمل الشطر الأكبر بفعل المسئولية السياسية والفعل الجنائي.

وأن أي حديث عن وجود ثورة حالية وكسر (الانقلاب) وعودة الإخوان للسلطة لا يمت بأي صلة للواقع  وهو أسلوب غير رشيد للاستهلاك الداخلي،

وأن أمامنا  كمصريين شوطا مُرهقا في التدافع السياسي – أهم شروطه نشوء نخبة سياسية مختلفة في أهليتها واستقامتها وولائها الأعلى لأهداف الوطن ومقاصد الدين العليا فوق أي تنظيم أو تعصب، ودون هلاوس استعادة سلطة مُهدرة فقدت شرعيتها السياسية وقبولها الشعبي قبل فقدانها لموازين القوى،ودون أي لجوء للإرهاب يُعطي للنظام فرصة لاستعادة ما يفتقده من قاعدة شعبية وذرائع للبطش..

هذه النخبة الجديدة تكون على قدر مع إفلاسات النظام المتعاقبة فتمارس تدافعا سياسيا (إصلاحيا واحتجاجيا) على المساحات، وتصنع لها قاعدة شعبية تتوسع – حتى يحصل الإحلال المطلوب أو تنضج ظروف ثورية محتملة.

وأن ثمة تجديد لابد من القيام به في كل البنى الفكرية والرؤى وأشكال التنظيم وظروف العودة ثانية للمجتمع مع فصل كامل بين الوظيفة الدعوية وتلك الحزبية،

وأن خيار الشورى الداخلية دون وصاية وبعد تمايز الرؤى الفكرية والاستراتيجية والتنظيمية- التي قد تستدعي أكثر من شكل وصيغة للتعبير عن أصل الفكرة وأوجه تطبيقاتها مادامت قطعيات الدين لوحدها مُراعاة – هو المخرج،

وأن ديننا وقواعد فقهنا وأصوله وتاريخنا الإسلامي العريض وتجارب الأمم سبقت وحالة – كل هذا علمنا أن : التنظيمات وشعاراتها وطرق بنائها وتحشيدها وفعلها التاريخي والواقعي هي مجرد وسائل قد ترشد أو تنحرف، وقد تصلح أو لاتصلح على حسب المرحلة، ولكن لايتم التضحية بالغايات وثوابت الدين والوطن والخُلُق لأجلها (فلا يتم مثلا ابتزاز الأفراد بأقواتهم وأقوات أسرهم التي غُرّر بعائليها في مسار عبثي – فقط لحصد ولاء صوري لقيادة أو أخرى!!)

 دون هذه المراجعة بكل عناوينها السابقة في تقييم ماسبق والتقدير لماآت،

فلن يمكن إنقاذ آلاف الشباب الذي يقتنع أغلبيتهم – في الخارج والسجون – للأسف بأفكار العنف المسلح والإرهاب .. ودون حتى التفكير في أي جدوى استراتيجية أو مُهيئات عملياتية وتكتيكية.

ولن يُمكن البحث في أي طرق للتهدئة مع النظام والحديث الصريح عنها، وهذه التهدئة بالرغم من قصورها عن المطلوب أخلاقيا وسياسيا – فهي مطلوبة لأي تدافع سياسي يمكن أن يحصل في مصر (إصلاحي أو تغييري) يسمح بعد ذلك بتوفير ظروف عدالة انتقالية حقيقية، وتغيير في البنية السياسية.

ولن يُمكن فتح طريق الحراك الاجتماعي والسياسي والدعوي (بغض النظر عن الأسماء والأشكال التنظيمية والمناهج ) لمئات الألوف ممن تأكلهم حاليا دوامات الثأر والإحباط والمرارة واضطراب الوعي والخُلُق.

أعلم أن هناك ثمنا لابد أن يُدفع لهذه المراجعة – وهو تخلي من قاد المرحلة السابقة عن موقع المسئولية، ولكن منذ متى كانت القيادة لدولة أو حركة أو حتى لنفر قليلين مغنما في الدنيا والآخرة؟!

” مامن رجل يلي أمر عشرة فمافوق ذلك ,, إلا أتى الله عز وجل مغلولا يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوبقه إثمه , أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها خزي يوم القيامة “

وبالتأكيد تقتضي هذه المراجعة قبل بدئها، تعهد من يقود الآن بالمغادرة فور تمامها وبأنها المهمة الوحيدة الباقية في عريضة مسئولياتهم..

ولكن ماأتفهه من ثمن – إن كان مطلوبا لحفظ الدماء، واستعادة استقرار آلاف الأسر، فضلا عن ضرورة المراجعة كما أشرت – لدينامية التدافع السياسي المصري واستعادة أي فرصة لإحياء العمل الدعوي.

وأليست هذه المراجعة بحد ذاتها من أولى فرائض الدينونة، وماهو من هدي القرآن بعد النصر أو الهزيمة؟!

 

تواصلت مع بعض شباب الإخوان وقياداتهم الفترة السابقة (مع موقفي الواضح والمعلن في رفض مسار الإخوان قبل وبعد 3 يوليو 2013  شرعيا وأخلاقيا ومن حيث الجدوى الاستراتيجية والمصلحة السياسية العامة، وتألمي الشديد لتبعات وآثار كل هذا العامة والخاصة، ولكنها شفقتي الكاملة ومودتي الصادقة بحكم صلة الدين والوطن وسابق العشرة) وللأسف وجدت اتهامات متبادلة بين أجنحتها وبعضها يطال القيادة التاريخية بالفساد وحتى العمالة!

انظر ماذا وصل له الحال، واستطلعوا رأي من تثقون فيه عن الأحوال المعيشية والدينية والأخلاقية لشباب الإخوان في السجون وخارجها وفي تركيا والسودان وبقية البلدان ..

هذا هو خطر جعل الحفاظ على التنظيم غاية فوق كل الغايات ويُحتمل لأجله انتهاك قواعد الصالح الديني والوطني العام والتزامات الشرع والخلق وقداسة الدماء أول الأمر وأوسطه .. أن التنظيم نفسه وقواعده الثابته لن يبيقيا.

أما سُبل التهدئة مع النظام وطبيعتها وفرصها وطريقتها – بما يُسكن هاجس النظام من الأزمة الأمنية والسياسية التي قد يتخيل حصولها بسببها، وفي نفس الوقت يُحقق مصالح عامة ولآلاف الأسر المشردة .. فما أسهل التحرك فيها والوصول لنتيجة معقولة.. إذا كانت هناك جدية في شروطها – وأهمها العزم على المراجعة.

 

Comments (4)

[…] ولكن أيضا، عدم إبراز المحصلة السلبية لمسار الإخوان السياسي قبل 30 يونيو أثر بشكل كبير على إعطاء مشروعية أخلاقية وسياسية لمسارهم بعد 3 يوليو. وحتى لو تناسينا المشكلة الاستراتيجية (وهي حاكمة أيضا على تقييمنا الأخلاقي والشرعي، لأن منطلق الخيار الثوري بحد ذاته لابد أن يكون ممكنا تطبيقيا وإلا حكمنا بعدم جوازه)، فإن هناك إشكالات سياسية وأخلاقية سواء في أهداف الحراك (هل هو استعادة المسار الديمقراطي، أم إعادة الإخوان للسلطة)، وخطابه (التصفوي والتكفيري، أو الرائم لتشقيق الجيش والتدخل الأجنبي)، أو وسائله (القبول بوجود مظاهر سلاح في تجمعات مدنية، واستمراء الدفع بالكتل الشعبية مع فاتورة الدم دون نتاج سياسي محدد). 5- أخيرا.. المراجعات صمتت تقريبا عن الشأن الفكري.. سواء في الفرضيات التي أسست لفكرة الحركة الإسلامية، وشمول وظائفها، واحتكار العلاقة بينها وبين ماتحاول مقاربته من وحي معصوم أو أمة أكثر اتساعا من أي فصيل فيها.. فضلا عن تلك الخاصة بمقاربة الإسلام سياسية وفكرة  النظام السياسي والديمقراطي والاجتهادات المعطلة في باب الفقه السياسي. وكذلك تقييم المرجعيات الفكرية التي تحكم الجماعة (خصوصا البنا وسيد قطب)؛ كتقييم الطروحات الفكرية والاستراتيجية بالمنظور الرسالي، أو حتى الزمني. وهذا قاد أيضا لعدم تقييم الخيارات السياسية للإخوان حين اقتربوا ثم تقدموا للحكم: خياراتهم في العدالة الاجتماعية والنظام الاقتصادي، خياراتهم في مسائل التحرير والعلاقة مع الأمريكي والصراع العربي الإسرائيلي وكامب ديفيد، خياراتهم في بناء الدولة ذاتها ونظامها السياسي. صحيح – أنه من الممكن الاحتجاج أن كثيرا من القصور في تلك الخيارات كان نتاج الخلل الفني والإدراكي (وهذا ما لمسته المراجعات) ولكن هناك أطر فكرية غائمة وتحولات سلبية حصلت – بالمعنى الفكري وحتى الاجتماعي – شاركت في ظهور تلك الخيارات المناقضة بشكل كبير للمقصود الشرعي والوطني، وليس فقط كانت قاصرة في الوصول له. ———— الحقيقة . سبق لي أن أوصلت للإخوان – مجموعة القيادة التاريخية بشكل أدق، وأيضا أوصلت للنظام عن طريق أكثر من وسيط ورقة أعددتها حول التهدئة، وكانت ترى مسألة المراجعات أول الطريق لأسباب مذكورة في الورقة: https://mohamedboraikblog.wordpress.com/2017/03/10/nationalagreement/ وبعد كام يوم وجدت المأزق الذي نحكي عنه مُجسدا في مقال لأهم قيادات المجموعة التاريخية حاليا ، فكتبت هذا التعليق، وهو يتناول بالتحديد مسألة المراجعات https://mohamedboraikblog.wordpress.com/2016/12/30/ikhwan2/ […]

[…] ولكن أيضا، عدم إبراز المحصلة السلبية لمسار الإخوان السياسي قبل 30 يونيو أثر بشكل كبير على إعطاء مشروعية أخلاقية وسياسية لمسارهم بعد 3 يوليو. وحتى لو تناسينا المشكلة الاستراتيجية (وهي حاكمة أيضا على تقييمنا الأخلاقي والشرعي، لأن منطلق الخيار الثوري بحد ذاته لابد أن يكون ممكنا تطبيقيا وإلا حكمنا بعدم جوازه)، فإن هناك إشكالات سياسية وأخلاقية سواء في أهداف الحراك (هل هو استعادة المسار الديمقراطي، أم إعادة الإخوان للسلطة)، وخطابه (التصفوي والتكفيري، أو الرائم لتشقيق الجيش والتدخل الأجنبي)، أو وسائله (القبول بوجود مظاهر سلاح في تجمعات مدنية، واستمراء الدفع بالكتل الشعبية مع فاتورة الدم دون نتاج سياسي محدد). 5- أخيرا.. المراجعات صمتت تقريبا عن الشأن الفكري.. سواء في الفرضيات التي أسست لفكرة الحركة الإسلامية، وشمول وظائفها، واحتكار العلاقة بينها وبين ماتحاول مقاربته من وحي معصوم أو أمة أكثر اتساعا من أي فصيل فيها.. فضلا عن تلك الخاصة بمقاربة الإسلام سياسية وفكرة  النظام السياسي والديمقراطي والاجتهادات المعطلة في باب الفقه السياسي. وكذلك تقييم المرجعيات الفكرية التي تحكم الجماعة (خصوصا البنا وسيد قطب)؛ كتقييم الطروحات الفكرية والاستراتيجية بالمنظور الرسالي، أو حتى الزمني. وهذا قاد أيضا لعدم تقييم الخيارات السياسية للإخوان حين اقتربوا ثم تقدموا للحكم: خياراتهم في العدالة الاجتماعية والنظام الاقتصادي، خياراتهم في مسائل التحرير والعلاقة مع الأمريكي والصراع العربي الإسرائيلي وكامب ديفيد، خياراتهم في بناء الدولة ذاتها ونظامها السياسي. صحيح – أنه من الممكن الاحتجاج أن كثيرا من القصور في تلك الخيارات كان نتاج الخلل الفني والإدراكي (وهذا ما لمسته المراجعات) ولكن هناك أطر فكرية غائمة وتحولات سلبية حصلت – بالمعنى الفكري وحتى الاجتماعي – شاركت في ظهور تلك الخيارات المناقضة بشكل كبير للمقصود الشرعي والوطني، وليس فقط كانت قاصرة في الوصول له. ———— الحقيقة . سبق لي أن أوصلت للإخوان – مجموعة القيادة التاريخية بشكل أدق، وأيضا أوصلت للنظام عن طريق أكثر من وسيط ورقة أعددتها حول التهدئة، وكانت ترى مسألة المراجعات أول الطريق لأسباب مذكورة في الورقة: ورقة عن التهدئة والوفاق الوطني – ديسمبر 2016 وبعد كام يوم وجدت المأزق الذي نحكي عنه مُجسدا في مقال لأهم قيادات المجموعة التاريخية حاليا ، فكتبت هذا التعليق، وهو يتناول بالتحديد مسألة المراجعات مراجعات الإخوان: وقفات “حقيقية” مع النفس؟ […]

[…] هذا التعليق، وهو يتناول بالتحديد مسألة المراجعات   مراجعات الإخوان: وقفات “حقيقية” مع النفس؟     وهذا تصور مبدئي عن المراجعات […]

Comments are closed.