بعض الملاحظات على هامش حوارات سابقة حول المراجعات الفكرية والسياسية (خصوصا للتيار الإسلامي)، والمنطق السياسي والاستراتيجي للحراك الوطني المعارض
مراجعة للتطور السياسي المصري مابعد ثورة يناير، ومنطق الحركة استراتيجيا
حول مراجعات المجموعة الشبابية للإخوان
حول مراجعات الإسلاميين والإخوان
في الفكر
- شمول الدين لايعني شمول وظائف أي حركة اجتماعية أو سياسية تتحرك لتطبيق ماتفهمه منه.. بل قد يكون هذا الشمول التنظيمي مضادا لمقصود الدين نفسه في عديد من الملفات خصوصا في هذه المرحلة الزمنية التي بدأت بنشأة الدولة الحديثة – سياسيا واجتماعيا.
-
لابد من التمييز القاطع بين الدين (كحيز وحي معصوم)، وبين أي مقاربة بشرية في فهم الدين وتنزيله.. الإخوان ليست (دعوة الإسلام في القرن الرابع عشر هجري) كما وصفها الشيخ البنا، ولكن مقاربة بشرية في تنزيله سياسيا ودعويا واجتماعيا.. ولأنها بشرية فيعتريها الصحة والبطلان، الرشد والانحراف، الإخلاص والهوى، المناسبة الزمنية وعدم المناسبة، محدودية المهمة وإطلاق القيمة…
في المشروع والتنظيم
-
لايجب البدء من اعتبار وجود تنظيم إخواني أمرا مسلما..
فالنظرة الدينية والتجريبية في وضع رؤية عامة واستراتيجية في مسار الحركة الفردية والجماعية للدين.. لابد أن تسبق أي تفكير تنظيمي ومشاريعي – لأنه عالة على الأول.وأي حركة إسلامية – على مدار التاريخ – لها فترة سماح سنني، إذا لم تحقق مقصودها فيه، لابد من إجراء تجديد جذري في كينونتها وأهدافها.
ولعل هذا بالضبط ماأشار له الشهيد علي شريعتي حول دورة حياة أي حركة اجتماعية وسياسية ثورية.
-
أخطر مشاكل الخط السياسي من تجربة الإخوان على مدار 80 سنة:
1- تحركت في العمل السياسي بمنطق الحركة الشمولية، ولهذا ففكرة البنا نفسه عن الدولة كان فيها تناقض جذري بين تأييده للنظام النيابي، وفي ذات الوقت تبنيه للنظام الشمولي ورفض فكرة الأحزاب.2- خطيئة نسبة المشروع السياسي للإسلام.. ليس فقط أن انحيازات كثير من تجارب الإخوان السياسية لم تنحز لمقصودات الدين في بناء النظام السياسي من حيث الشورى الدستورية (الديمقراطية)، والعدل الاجتماعي والاستقلال.. بل لأن المرجعية الشرعية لاتدخل بفعل الاختصاص والاستقصاء والحصر إلا في دائرة محدودة جدا من النشاط السياسي الحزبي أو السلطوي، ولكن أكثر من 95% من البرمجة الحزبية تتدخل فيها الشريعة فقط بوضع المقاصد، فلاينبغي نسبتها للوحي فذلك مفسد للدين والدنيا معا – كما ذكر الإمام أبو حامد الغزالي.
3- لم تكن التجربة السياسية خادمة لرؤية استراتيجية واضحة في معظم المراحل.. فنجد في مرحلة كان الصدام مع الدولة والسعي لحيازة السلطة، في وقت كان النظر الاستراتيجي والوطني يُحتم مسارا إصلاحيا..وفي أوقات كان لابد من رؤية تغييرية وثورية، ولكن كان منطق الحراك السياسي المتبع إخوانيا هو إصلاحي وتفاهمي مع الأنظمة.. وهذا أربك كثيرا النظرة الوطنية العامة لأولويات العمل السياسي.
-
بالإضافة لكل ماسبق..فهناك إشكالات أوسع في حال عودة الإخوان الآن سياسيا بعد التجربة السابقة.كل مقامات التجديد والتطوير كان وقتها قبل ثورة يناير، وبالأخص بعدها مباشرة.ولكن هناك رصيد من التاريخ السلبي وفقدان الثقة العامة في الإخوان – كتنظيم وقيادات ومسار – موجودة الآن في قطاعات عديدة سياسية وشعبية.
وهذا لابد اعتباره في التقييم الأولي حول حدود ومنطق حركة الدين وبدائلها.وهذا ماذكرته سابقا.. أن الانطلاق من كون وجود الإخوان كجماعة وتنظيم أمرا مسلما به غير صحيح. ولكن الانطلاق هو من وجود تيار واسع مرتبط بالفكرة، وله مواقف متباينة من التنظيم ماضيه وحاضره ومستقبله.. هذا التيار هو ماينبغي أن نفكر لأجله – ونساعده أن يفكر بتحرر من أي مسلمات – عدا مسلمات الوحي!
-
باختصار – النقاط الجوهرية لعملية المراجعة المطلوبة ومعوقاتها لايجب أن تضيع في زحمة التفاصيل.
أهم مايُميز – وتقدمه – ملكة الفكر الاستراتيجي هو التمييز بين المهم والأهم، وترتيب الأولويات:هناك فرضيات في مقاربة الدين ووضعية أي حركة إسلامية – لابد أن تُحسم أولا.
هناك مراجعة فعلية للمسار الإجمالي للإخوان قبل وبعد ثورة يناير وبعد 30 يونيو لابد أن تحصل بالفعل، ولكن بالتوازي مع التفكير التجديدي في المشروع العام (وأهم ركيزة فيه، هو الفصل الكامل بين الدعوي والحزبي)، وقد يقتضي تغيير في العناوين وأشكال التحرك ومنطقه.
أخطر مشكلة.. أن فكرة المراجعات (حتى مراجعة المسار السياسي فضلا عن الفرضيات الفكرية والحركية للمشروع) مرفوضة تماما من قبل القيادة التاريخية للجماعة.وثاني أخطر مشكلة… أنه للقيام بتلك المراجعات، لايتطلب الأمر فقط استعداد نفسيا للمراجعة والنقد الذاتي والتحرر من هلاوس الاصطفائية والمظلومية، ولكن امتلاك حد أدنى من التأهل الفكري والحركي والاستراتيجي ليس موجودا عند أجيال تقود الحركة وهي إفراز مسار طويل مُشكل ومقفر تربويا، فضلا عن إرث المشكلات النفسية والمعرفية والتربوية التي أفرزتها تجربة السبع سنين الماضية.
-
في رأيي أن من لم يعتبر الكيانية الإخوانية – في سياقها الشرعي والتاريخي والتطبيقي والتنظيمي وإرث التجربة الإيجابي أو السلبي – مجرد فرضية، فهناك مشكلة ضخمة في استقلاليته فكريا أو سياسيا – حاليا ومستقبلا – للقيام بأي أدوار تأهلية أو تشبيكية أو في التدافع السياسي… فضلا عن عنصر بناء الثقة المتبادلة.
ولكن بلاشك الحالة الإخوانية (بشريا على الأقل) تمثل رصيدا مهما لعملية بناء النخبة السياسية.
لكن فقط – من لم (ولن) يعيقه أسر التنظيم، أو تتمكن منه فرضيات الحالة بحد التقديس، وتحرر ذاتيا من خشية نقد – ونقض إذا لزم – الفرضيات الأساسية تلك .. فليس ثمة قطعيات هنا. -
أعتقد التحدي الأهم – والأوّلي – هو التهيؤ فكريا ونفسيا للدور الوطني..
وهذا يقتضي مراجعة جذرية، وتجديد (أو تعامل إيجابي مع طروحات التجديد فليس المطلوب أن نكون كلنا مجددين ومجتهدين في كل المساحات).. واستعداد نفسي، وقبله ومعه – تأهل معرفي .. خصوصا في أبواب الفكر والاستراتيجية.إذ كثيرا مايُعيق فقدان بديهيات النظر الفكري والشرعي والاستراتيجي عند الشخص، التواصل في تلك المساحات بالأصل، فضلا أن يتفاعل معها ويُجدد.
حول تصور مجموعات الإسلاميين للدولة والنظام السياسي
- في رأيي من أهم علامات ضمور الفكر السياسي والمراهقة الفكرية في الحالة الإسلامية هو هذا الموقف من الدولة الحديثة الوطنية – خصوصا عند شرائح من الشباب وليس بالضرورة الأجيال الأسن من الحركة الإسلامية، بشكل لاتجده بذات الدرجة في بقية التيارات.. ولسببين جوهريين:الأول) أن القضية على درجة عالية من التعقيد بالفعل، لتوقف حركة النظر – وليس فقط التجديد – في الفقه السياسي الإسلامي تحديدا لقرون.. فتراكمات عشرات الأسئلة المركزية، ومئات الملفات وفي غفلة عن إدراك مقتضيات تغيير السنن الاجتماعية والسياسية التي أنتجت تطورا هائلا في الحالة الغربية..
ومع ضعف المتابعة بالأصل للتجربة الغربية، فحتى التواصل معها دون منهجية أصولية ومعرفية مناسبة تُهدد بالوقوع في مشكلة أخرى وهي الاعتساف في النقل دون مراعاة السياقات (وليس فقط مراعاة ثمرة المقاربة الإسلامية في النظر). وكل هذا يكون من الإجحاف أن نحمل هذا الجيل من الإسلاميين أو من سبقوه مسئوليته.الثاني) هو دور الحركة الإسلامية المشكل سواء في تأسيساتها التي شابها شق كبير من الخلط والتسطح الفكري والاعتماد على مخاطبة العاطفة الدينية بأكثر من تأسيس منهج تجديدي فارق،
ومسلكها التربوي الذي أيضا تعامل سلبيا وبشكل نافر – وليس فقط تغافل عن – مع جوانب التطور الفكري والمعرفي (والاستراتيجي أيضا) في النخب والقيادات،
وممارستها التي كان همها إحراز مكاسب سياسية وتوسعية قصيرة المدى والتعجيل بالتنافس السياسي والدخول في مساحة السلطة دون إنفاق وقت كاف في بناء مشروعات حقيقية على مستوى الفكرة والتطبيقات.. - الرفض لفكرة الدولة الحديثة أوضح مثال على الضمور الفكري السابق.. فشق منه فعلا هو نوستالجيا مثالية لأوضاع يتخيل الإسلاميون كونها مثالية تاريخية (وهي أبعد أشوطا شاسعة عن هذا المثال!).لكن هناك ثلاثة منطلقات أساسية:الأولى) مقاربة شديدة السطحية والفقر والتقليد في فهم كيفية تنزيل الشريعة سياسيا؛ أو علاقة النظر الديني ببناء النظام السياسي.. أقول هذا – والغالبية العظمي لم تدرس بالأصل مقومات النظر الشرعي والأصولي، أو تراث الفقه السياسي (مع محدوديته وتوقفه مبكرا).. فضلا أن تكون مؤهلة لاقتراف التجديد.الثانية) هو الخلط بين الرفض الرسالي والاستراتيجي لفكرة التقسيم التي فرضها المستعمر (الدولة الوطنية)، وبين أن هناك واقعا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا واستراتيجيا شديد الكثافة والتعقيد ارتبط بهذه الحالة مع تقادمها.. ولهذا فيجب اعتباره.
ولا يمكن هذا إلا ببناء عقود اجتماعية محلية، وأنماط سيادة واستقلال وتنمية في الأطر القائمة.. ثم الانتقال التدريجي عن طريق توسعة العقد الاجتماعي والتهيئة للظروف المحيطة للوصول للوحدة..
وإلا فنحن مثلا نستنسخ تجربة عبد الناصر.
وهذا النظر للمقاصد والكفايات أكثر من التراتيب، هو أهم مقومات النظر الشرعي السياسي التجديدي، كما فعل الجويني مثلا – وغيره – مع الدولة السلطانية حين رأوها واقعا انزوت بجواره دولة الخلافة واستحالت رسما.والثالثة: مشكلة الاتجاه الأناركي الإسلامي الذي بدأه المسيري، ونقد التجربة الديمقراطية.
هذه المشكلة لم تنتبه أن التجربة الديمقراطية الغربية بالفعل خرجت بشكل كبير عن الحالة المركزية، إلا في ملفات محدودة، وتحولت معها الديمقراطية غالبا لتشاركية أكثر منها تفويضية، وأن مزية التجربة الديمقرطية ليس خلوها من أخطاء بل أنها قادرة على التطوير الذاتي، وأن الفكر النقدي الغربي للديمقراطي هو محاولة تصحيحة وليس هادما للتجربة لأنه لايطرح نموذج كلي بديل، وأنه خطيئة أن ترفض نموذجا ما دون أن يتضح لك ملامح واضحة لنموذج متكامل.. وجزء من الإشكال بالطبع هو الفقر الأصولي في عدم معرفة كيف يتدخل الإسلام (الفكر الشرعي) في ترشيد الظواهر الإنسانية والسياسية، وأنه لايصنع نماذج متكاملة ولكن مقاربات منهجية (هذا ماكان يسميه أصوليو وفقهاء المالكية بدائرة الإمامة والسياسة – في مقابل دائرة التشريع، ودائرة القضاء.. بتعبير القرافي في كتابه الشهير) -
بخصوص النظام الديمقراطي فالدراسة المتأنية للظاهرة الشرعية، وظاهرة التطور السياسي والاجتماعي والعسكري.. تجعل جزءا كبيرا من مقومات الديمقراطية (خصوصا بمعناها الوظيفي) هي أبلغ الطرق التجريبية (حاليا) لتحقيق مقصودات شرعية..
مثلا فكرة الفصل بين السلطات، أو تقييد السلطة التنفيذية، أو التنوع في مساحات التقييد الرقابي للحاكم في عملية اتخاذه القرار وأخرى يتم تفويضه فيها وحسابه على نتيجتها، أو الهيمنة المدنية على القوات المسلحة، أو الحزبية السياسية والفصل بين النشاط الحزبي والأنشطة الاقتصادية والخيرية والدينية- التبشيرية، أو معايير الحكم الرشيد في الشفافية والمحاسبة والكفاءة والتوازن..
فالمقصودات الدينية والالتفاتات الشرعية في بناء النظام السياسي قد تقتضي من الفقيه السياسي في عصر تطبيقات وفتاوى ما مناسبة لسياق اجتماعي وسياسي (مثلا أن يتم تعيين القاضي من الخليفة، أو عدم اشتراط مدة للحكم، أو عدم تعيين مجلس دائم للحل والعقد، أو شرط القرشية، أو تعقيد ظروف الخروج على أئمة الجور عند من يجيز فضلا عمن يحرمه ابتداء….)
ولكن تغير السياقات والظروف التي تتنزل فيها علل المقاصد والأحكام.. يفرض تغييرا في البنى الحكمية ذاتها فضلا عن الفتاوى. بحيث تصبح ذات الفتاوى السابقة مضادة لذات المقصود الشرعي وتطبيقه!ولعل هذا مثلا ماحكاه البنا أن النظام النيابي هو أقرب النظم لروح الإسلام.. مع إشكالات طرحه الشمولي في العمل الإسلامي أو بناء الدولة كما أسلفت.
الخلاصة – أن النظام الديمقراطي – بكل مشكلاته الذاتية، أو حتى اختلاف البيئات الشرقية عن الغربية مما يقتضي أسئلة مختلفة في العلوم السياسية (مثلا العلاقات المدنية العسكرية مشغولة غربيا بأمور كثيرة ليس منها الانقلابات وفي ذات الوقت تبقى ترفا شديدا – بالعكس سلبيا – في مرحلتنا) فضلا عن اختلاف الإجابات (فترى مثلا اختلاف بنية وتفضيلات شكل النظام السياسي بين أمريكا وبريطانيا مع أنهما يُحسبان في نفس طور الديمقراطيات المستقرة والثابتة)،
أقول – بالرغم من كل هذا.. فالنسق الديمقراطي بالفعل يمثل أفضل الإجابات النظرية عن كثير من أسئلة التجديد في باب الفقه السياسي (وفق شروط وتهييئات معتبرة)، فهو ليس بعيدا عن الروح الإسلامية كما يتخيل البعض.
حول الحراك الوطني والمسار السياسي
- الحقيقة كل ماكنا نأمل فيه من ثورة يناير أن تحدث فتحا لمغاليق التطور الاجتماعي والسياسي الشامل، عن طريق إزالة العقبة التي مثلها النظام السابق.ولكن – بالقطع – لم يكن هناك نخبة سياسية مؤهلة لتصنع سياسات حقيقية بديلة تمثل بذاتها مادة التغيير السياسي والاجتماعي الشامل.
كذلك – لم تكن هناك أي قوة سياسية عندها القدرة والاستقامة وتفويض الشرعية السياسية لتدير المرحلة الانتقالية – ولكن كان الأمل أن تحصل صيغة توافقية – هي بحد ذاتها أهم ضمانة للوقوف أمام ارتداد المؤسسة العسكرية للنظام السابق، وتجاوز مشكلة إعادة الهيكلة الضرورية دون التسييس لمؤسسات الدولة الناشئة، وأيضا التوافق على عقد اجتماعي ديمقراطي ومنحاز للعدل الاجتماعي.
- بالإضافة لأزمة إرث الحكم العسكري، وأزمة التغييب الشعبي وفقدان المبادرة والوعي السياسيين – ممايعيق التحول الديمقراطي الحقيقي وإعادة بناء الدولة، فهناك أيضا أزمة الإرث الحركي الإسلامي الذي يحوز على قاعدة شعبية معتبرة بفعل العاطفة الدينية، ولكنه مشكل من حيث – وضوح انحيازاته، وكونه لبنة في بناء نظام ديمقراطي، ووضح شكل أنشطته وتوافقها مع الدولة الوطنية (إشكال الدولة الوطنية مع التنظيم ذو الهم الأوسع من إطار الدولة – وكانت هذه مشكلة أيضا في التيار القومي) والمنطق الديمقراطي (التخلي عن أي صيغة للشمول التنظيمي، أو الشمول السياسي) (وفك النسبة مع الوصف الإسلامي إلا فيما هو مقطوع به شرعا).وهذا يقتضي كما ذكرت ليس فقط تجديدات جذرية ولكن تضميد جراح وعودة مختلفة للحيز الشعبي.
- بالفعل، خصائص وشروط الطليعة السياسية أو صانعة المشروع وركائزه تختلف عن متطلبات وخصائص القيادة السياسية غالبا.
- الفكرة المُلهمة وتجديد الحلم بمشروع رسالي ووطني شديد الأهمية في هذه المرحلة.. وهذا لاينتج إلا بعد تضميد كثير من الجراح التي أفرزتها المرحلة السابقة عند الجميع، واستعادة الثقة في الذوات الفردية والجمعية والمتبادلة.
- مكونات المشروع السياسي المنشود هي الرؤية الفكرية والسياسية، ثم الرؤية والمسارات الاستراتيجية.بخصوص الرؤية الفكرية:
الخط الأول هي في الانحيازات الأساسية للمشروع الوطني من حيث الأهداف والسياسات البديلة.. ولابد فيه من مراجعة الفرضيات الأساسية عند كل التيارات – وخصوصا الإسلامي – حول أهداف الرسالة والدولة، وشكل الدولة وخطها، وانحيازات التحرر والاستقلال والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، والتوازن بين الهم التوسعي (الإسلامي والقومي) ومقتضيات الدولة الوطنية- القطرية وعقدها الاجتماعي والسيادي.أما الخط الثاني – فهو السياسات البديلة في مسارات الدولة الوظيفية.. وهو جزء من استراتيجية الصراع والتدافع السياسي بالأصل، وهذه تنضج وتتطور مع الوقت، وليس بالضرورة حضورها الآن على وجه التفصيل.وفي كلا الخطين هنا حد المشترك الوطني، ولابد من إبرازه والتحلق حوله في مرحلة الصراع السياسي والانتقال الديمقراطي وبناء ركائز الدولة وأهما العقد الاجتماعي، ثم تأتي بعد ذلك في مراحل تالية المشاريع الحزبية والمتأدلجة في مرحلة ممارسة الديمقراطية وهنا لابد من الاختلاف بالطبع . - استراتيجيات الصراع والتدافع السياسي، لابد أن يتم تحديدها ولكن اعتمادا على رؤيةاستراتيجية مبدئية، ونواة قيادية..وغالبا الرؤية الاستراتيجية هي المزاوجة بين استراتيجيات الاحتجاج والفعل السياسي خارج إطار النظام، مع التدافع على المساحات داخل إطار النظام،ويقتضي الأمران طرح سياسات بديلة ونقدية،وتساوقا مع سيناريوهات تطور النظام وخياراته،والأهم فيها مع اختلاف تلك السيناريوهات: تصاعد الاحتقان الشعبي وتعمق الإفلاس النظامي..(على أن في التعامل مع إفلاس وفشل النظام قضية شديدة الحساسية – قيما ووطنيا واستراتيجيا.. فالفشل والإفلاس يكون التعبير عنها وتوظيفها ونقدها منضبطا ودقيقا وعلميا وموضوعيا، لأسباب عديدة أهمها استعادة الثقة الشعبية والمؤسسية في النخبة السياسية وأولوية هدفها في المشروع الوطني وليس المناكفة وحيازة السلطة)أما الخيارات الاستراتيجية وبناء المواقف التفصيلية، فيصعب جدا تحديدها بدون تكوين شرطي الرؤية والنواة القيادة والتنظيمية.
- بالتأكيد تبقى فكرة الصراع الصفري وفق استراتيجيات دفاعية وهجومية مع الإسرائيلي على شكل المنطقة ومشروعها قائمة بالطبع،ثم درجة أخرى من الصراع – ليس صفريا – مع الأمريكي بالأخص ولكن وفق استراتيجيات تهيئة ومناورة وتدافع، ثم تدافع إيجابي مع الأطراف الإقليمية (إيران وتركيا) أو الدولية الأخرى مع تكامل وتلاقي في بعض الملفات.المشكلة الأخطر من كل ذلك، أنه لايوجد مشروع حقيقي يملأ الفراغ القومي (بعد انهيار الدول المركزية، وإشكالات في البنى المركزية والمآل القريب في الخليج والمغرب العربي)، فأصبح فضاؤنا القومي – وحتى قطاعاتنا المحلية – أسيرة للتدخلات الإقليمية والدولية بشكل يجعلنا شعوبا ودولا مفعولا بنا..النظرة الاستراتيجي المعقولة هنا، أن هناك دور محوري لمصر (لاعتبارات عديدة.. أقلها أنها هي التي لاتزال باقية كحالة دولة وجيش) في إعادة بناء مشروع أمة.. وهذا جعل – ويجعل – من التغيير السياسي الحقيقي فيها مقدمة جوهرية لنهضة أمة.
وهذا يوضح كم الخسارة الضخمة، والخطيئة بمفهوم الرسالة والاستراتيجية.. في إفشال الفرصة التي لاحت مع يناير 2011.
فلو حصل الحد الأدنى من التغيير السياسي المطلوب.. بالتأكيد الوضع العام (وحتى الملفات التفصيلية: سوريا، وليبيا، والعراق، والمقاومة، ومشكلة إيران وتركيا، فضلا عن الصراع العربي الإسرائيلي) لكان جد مختلف. -
لا أعتقد أنه من الصحيح نسج علاقات بين النشاط السياسي المعارض في مصر وبين أي حكومات إقليمية أو غربية – مهما بدت نقاط توافق حول بعض الأهداف أو المواقف، أما التلاقح مع الشعوب والتيارات والتجارب الحزبية فهو مطلوب دوما..و لعدة أسباب:
1- للدول القوية (كإيران وتركيا، أو الدول الغربية) مصالح مباشرة كثيرا ماتتناقض مع أهداف وأولويات وأخلاقيات المشروع الوطني.. وبالتأكيد سيكون دوما منسوب التعامل مفضيا لوضع استخدامي لصالح الأقوة. ولنا في مآسي سوريا وليبيا والعراق واليمن، وحتى مصر عبرة.2- هذا تدمير – بالحق والباطل – لسمعة المشروع الوطني ورموزه، وهذا أهم مايطرحه النظام كخطاب مواجه – خصوصا إذا استقامت بين يديه أدلة. وهذا له نتائج سلبية على مستوى القبول الشعبي، وحتى ضمن مؤسسات القوة داخل النظام، والتي ينبغي أن يكون التعامل معها استراتيجيا معتمد على جوانب مختلفة – منها فقط وجه وحيد للتدافع والصدام، ولكن فيها أوجه الإقناع والاستيعاب والاختراق والجذب الوطني والقيمي والمصلحي.. كل هذا تعطله.
أما أن نقصد المشروع الوطني في مرحلة بناء الدولة والتنافس المشاريعي، فهذا طبعا مطلوبا كسياسة دولة، أو برنامج حزبي.
مراجعة للتطور السياسي المصري مابعد ثورة يناير، ومنطق الحركة استراتيجيا
حول مراجعات المجموعة الشبابية للإخوان
تصور عن مآلات الحالة المصرية، يليه مقدمة عن وضع السيناريوهات
عن (الدولة المستحيلة): تقابل حتمي بين نظرية الإسلام في الحكم والدولة القومية؟
[…] ملاحظات حول المراجعات، والحراك الوطني […]
[…] ملاحظات حول المراجعات، والحراك الوطني […]
[…] ملاحظات حول المراجعات، والحراك الوطني […]
[…] ملاحظات حول المراجعات، والحراك الوطني […]
[…] ملاحظات حول المراجعات، والحراك الوطني […]