Scroll Top
السياسة المصرية

حوار قديم في نوفمبر 2015 مع صديق إخواني (كان مقتنعا مثل تياره أن أمريكا هي من دبرت تحرك الجيش في 3 يوليو 2013) حول محددات السياسة الأمريكية نحو الإخوان رأيت نشره لتوضيح أكثر لمحددات السياسة الغربية، وهل كان الأمريكي مثلا معاديا أم مؤيدا وخلف ما حصل في يوليو 2013؟


وقيمة تناول الأمر ليس فقط بما يتعلق بالإخوان ولكن توضيح طبيعة ومنطق السياسة الأمريكية في بلادنا، وهو أمر للأسف وجدت الغفلة عنه في معظم التيارات والحركات السياسية في بلادنا لصالح غلبة فرضيات تفتقد لحد أدنى من العلمية والموضوعية. وهذا أمر يُعَوِّق بشدة أي فرصة للفهم أو الاستشراف ..

إذا أردت أن تعرف الموقف الأمريكي فعلا مابعد 3 يوليو، فاقرأ هذا المقال لأكاديمي وسياسي مؤيد لإسرائيل ولكن عنده بعض عقل وتحليل
http://www.foxnews.com/opinion/2013/08/08/obama-mccain-and-graham-make-huge-mistake-in-egypt.html

بخصوص تحليل الموقف الأمريكي، أو بمعنى أوسع: السياسة الأمريكية تجاه الإخوان المسلمين، فلاحظ عدة نقاط تقتضيها المنهجية العلمية التي نحرص عليها في تخصصاتنا (التطبيقية أو البحتة) ولكن لانلتفت لها في فهم الظواهر السياسية والاستراتيجية الأكثر تعقيدا بمراحل/:

1- طبيعة السياسة الأمريكية ذاتها  أنها تخرج من مراكز متعددة ضمن دائرة صنع القرار (الرئاسة والخارجية، البنتاجون، الكونجرس، مراكز بحثية قريبة لصنع القرار)، وهذا غير مراكز بحثية أخرى وجماعات ضغط وميديا

2- صحيح – أنه في الأغلب هناك تحيزات شبه مستقرة (مثلا الكونجرس تغلب عليه مجموعة تراعي مصالح إسرائيل ولكن ضمن تصور للمصلحة الأمريكية، وأقلية هي إسرائيلية قُحة)، (أو أن الرئاسة هي تابعة للخط الحزبي والشخصي للرئيس) ، (وأن الخارجية تستفيد ببيروقراطية أكثر استيعابا للخصوصيات الإقليمية ونظرة للمصلحة الأمريكية أكثر توازنا مع تأثير لمجموعة الرئيس)، (وأن المخابرات والبنتاجون منحازة جدا للمصلحة الأمريكية والخط الصلب للسياسة الأمريكية التقليدية).. ولكن تطورات الأحداث يُمكنها أن تُغيّر الفرضيات التي تقوم عليها السياسة المتبناة..

بمعنى:

أ – لايكفي أن تأخذ رأي طرف وحيد لتدرك المعادلة، ولكن كل الأطراف
ب – بلاشك مؤسسة الرئاسة والخارجية هما الأهم في صنع السياسة، ولكن الكونجرس له دور خصوصا في الميزانية الداعمة لتلك السياسة، والبنتاجون له تأثير ولكن على مؤسسة الرئاسة وليس بشكل مستقل.
ج – لايصح أن تأخذ موقف طرف في لحظة زمنية بعينها، لأنها تتغير (مثلا سياسة حكومة بوش الثانية  تقترب جدا من سياسة حكومة أوباما)
——
ومثلا – ماكين أشد الجمهوريين تطرفا:
هذا حوار معه في 2011 وتراه شديد البغض للإخوان ولايثق فيهم لحظة
http://www.spiegel.de/international/world/john-mccain-on-the-dangers-of-the-muslim-brotherhood-they-should-be-excluded-from-any-transition-government-a-743819.html

ولكن بعد حراك 2011، وزيارته لمصر في أزمة الجمعيات أصبح متقبلا جدا لهم كما في البيان الرسمي الذي أصدره
http://iipdigital.usembassy.gov/st/english/texttrans/2012/02/20120221124737su9.474909e-02.html#axzz3qP1kmte6

وهو بعد 3 يوليو مباشرة  في زيارته لمصر أول أغسطس، قال صراحة أن ماحصل انقلاب عسكري، وساهم بشدة في فرض العقوبات من موقعه في لجنة القوات المسلحة بالكونجرس
http://www.theguardian.com/world/2013/aug/06/john-mccain-egypt-mohamed-morsi-coup

ثم عاد بعد ذلك  – أي بالرغم من مسئولية النظام الانتقالي عن انتهاكات – ليؤيد إعادتها بعد حساب للمصلحة (التأكد أن حراك الإخوان في الشارع لن يقود لشيء، وأن ثمة وضع سياسي جديد محسوم في مصر)
http://www.nytimes.com/2014/04/30/us/politics/egypt.html?_r=0

—————————

3- السياسة الأمريكية (النقاط البارزة في مساحة متشعبة وديناميكية على الأقل) من الإخوان، تطورت
مثلا بعد أحداث سبتمبر  كانت هناك تصورات حول استيعاب وتنعيم الإخوان – كدراسات راند (أقرب مركز بحثي لصانع القرار).. ضمن مشروع أوسع لفرض الديمقراطية الأمريكية ولو بالقوة (الشرق الأوسط الجديد: حروب العراق وأفغانستان ولبنان)
https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/monograph_reports/2005/MR1716.pdf
http://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/monographs/2004/RAND_MG246.pdf
وعلى هذا كان الضغط على مبارك وغيره لعمل إصلاح سياسي أدى لقانون الإشراف على الانتخابات ماقبل 2005، والتقط الإخوان الخيط كذلك فقدموا مبادرة الإصلاح، ثم عقدوا صفقة مع النظام في 2005 والتي خربت في المرحلة الثانية للانتخابات
كذلك الضغط الكبير على إسرائيل للسماح بدخول حماس في اللعبة السياسية انتخابات 2006،
وساهم في كل هذا سلوك إخواني لطيف (أمريكيا) في العراق و المغرب ولبنان، وحتى بوادر في سوريا وليبيا وتونس

المُهم – تراجع هذا الخط لصالح السياسة الأمريكية التقليدية (دعم الدكتاتوريات) بعد تعثر هذا المشروع (في العراق وأفغانستان ولبنان، وكذلك المفاجأة بحجم فوز وسلوك حماس) ، وخروج مجموعة المحافظين الجدد من السلطة، ولكن لم يتخل كلية على ماسبق

ثم بدأت التصورات تطل برأسها ثانية مابعد 2007، مثلا في مصر بسبب سؤال من يخلف مبارك؟ ولكن الاستراتيجية ليست باستخدام القوة والضغط الخشن كما سبق.. وأن الأفضل هو نموذج يستوعب الإخوان دون أن تتخلى القاعدة الصلبة للنظام عن الحكم (أشبه بشراكة كالنموذج التركي قبل أو بعد أردوغان على حسب الظروف وحجم الاطمئنان للإسلاميين) – راجع مثلا هذه الدراسات لمراكز قريبة جدا من صانع القرار
http://www.strategicstudiesinstitute.army.mil/pubs/display.cfm?pubID=787
http://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/monographs/2008/RAND_MG726.pdf

وحين حصل يناير 2011، التردد منها أمريكيا كان مرده تردد في تقدير مآل الحراك، ولكنه حُسم مبكرا لصالح دعم مرحلة انتقالية.

والتصور مابعد يناير كان منطق الشراكة بين المؤسسة العسكرية والإخوان عبر مجلس للأمن القومي ورئيس توافقي  وبرلمان إخواني، مع توزيع الاختصاص: الجيش سيادي والإخوان خدمي. وهذا لم يمنع من محاولة دعم للقوى المدنية كذلك لتأخذ من رصيد الإخوان.

(مثلا موقف الأمريكي والغرب من استفتاء مارس: دعم مادي لبعض القوى المدنية، ولكن دعم سياسي  للقيادة العسكرية والإخوان وارتياح كبير غربيا بعد نتيجة نعم، وحديث صريح عن نموذج تركي ماقبل أردوغان)
https://drive.google.com/file/d/1s6rZRyoLhIsuFNUlcF1pNv_YvuQXz0K7/view?usp=sharing

ولكن مع الوقت، وخصوصا بعد ظهور بوادر لتنعيم الإخوان،
(مثلا الاعتراف علنا بكامب ديفيد وبقية الاتفاقات
https://www.youtube.com/watch?v=tz1LNI1VINM

 أو الموقف من حملة غزة 2012، الذي كان مفاجئا ومطمئنا – لحد ما – لإسرائيل
http://abcnews.go.com/International/egypts-president-morsi-wins-us-israeli-gratitude-gaza/story?id=17780177
http://www.theguardian.com/world/2012/nov/15/mohamad-morsi-gaza-israel-egypt
http://www.cbsnews.com/news/egypt-emerges-as-major-middle-east-mediator-with-israel-gaza-cease-fire/

كان هناك قبول لسيطرة سياسية إخوانية، ولكن بقاء العسكر كشريك أصغر وضامن في ذات الوقت. وخلال هذه الفترة وماقبلها مباشرة فهم الإخوان الضوء الأخضر الأمريكي (خصوصا بعد زيارة ماكين التي أشرت لها سابقا)، وبهذا يمكننا فهم الدور الأمريكي – المرحّب على الأقل – بقصف مرسي بالمجلس العسكري والإتيان بالسيسي ووضع صنع الدستور تحت وصياته (نقض إعلان يونيو 2012 الدستوري) وظهور تلك الصيغة المستجدة في ضبط العلاقة (رئاسة حقيقية ودور عسكري أصغر ولكن له قدر من الوصاية على الخيار الاستراتيجي واستقلال مالي)
http://csis.org/files/publication/120117_Egypt_Transition.pdf
http://www.brookings.edu/research/testimony/2013/02/26-middle-east-north-africa-wittes
http://www.rand.org/pubs/monographs/MG1247.html

وهذا مقال لي في أغسطس 2012 يُدرس ما حصل من تغيير بنيوي بعد إعلان مرسي بإقالة القيادة العسكرية
https://drive.google.com/file/d/0B3R3f5iENLhfLXBUNlZpdFhIU1U/view?usp=sharing&resourcekey=0-fOGhZOtxYgWoI-5y0SmTcA

وبلاشك كان هناك رفض أمريكي قاطع لماحصل في يوليو 2013 كما هو معلوم، وبدأت الحسابات تضطرب من حيث التقديرات والمآل.. طبيعي أن الأمريكي كان يبحث بشكل ما عن التوازن بين الجيش والإخوان كقوتين رئيستين في مصر، بالإضافة حتى لتطور قوى مدنية مواجهة للإخوان كذلك
(مثلا موقفه في الاتحادية الناقد بشدة للإخوان)
ولكنه كذلك براجماتي ويتجه لمن له الغلبة (فكه للاحتقان مع الإخوان بعد الدستور 2013)..

ولهذا – فمع الوقت .. بدأ يُعيد صلته بالنظام المصري الانتقالي، وخصوصا بعد انتخاب السيسي، ولكن ثمة تدهور لايمكن استعادته حصل بالفعل.. وتمثل في تنويع مصادر السلاح وافتقاد قدرة ما في التأثير على القرار المصري بذات الدرجة السابقة، وإن كان هذا متأثر بتراجع عام في الاهتمام وموارد التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط تبعا لما يُعرف بمبدأ أوباما 2009 بخصوص تحويل الاهتمام نحو جنوب شرق آسيا وأوروبا والتحرر تدريجيا من عبء المنطقة أمنيا وسياسيا.

أنا أقول لك مثلا – بالرغم من وضوح مآل مابعد 3 يوليو مبكرا، ولكنك كنت تجد أصواتا أمريكية تدعو لفرض مزيد عقوبات وحتى قبضة خشنة لإعادة الإخوان.. هذه دراسة متوازنة تتبعت خريطة الطيف والخيارات المطروحة أمريكيا
https://production-tcf.imgix.net/app/uploads/2013/11/20193645/EgyptReport-2.pdf

أما الموقف الإسرائيلي فقد كان منقسما مابعد 3 يوليو مباشرة، ولكن اتجهت غالبيته للقبول (المتحفظ)  مابعد ذلك بالنظام الانتقالي ونظام السيسي.. وموقفه الرافض لقطع المعونات الأمريكية له منطق آخر غير دعم فج للنظام المصري، وهو الخشية على الإطار الاستراتيجي مابعد معاهدة السلام، وكذلك من مغبة تفلّت المصري من النفوذ الأمريكي والتي ستدفعه – وتتدعّم – بتنويع مصادر التسليح حتى بالرغم من تواضع المحاولة وعدم وجود رؤية استراتيجية واضحة وجذرية خلفها إذ أن منطقها كان ابتزازيا بالأساس لحكومة أوباما.. والتقارب الذي حصل بين المصري والإسرائيلي كان دافعه الأساس عند المصري ملف سيناء..

أخيرا – هذه ورقة ظريفة تتبعت الموقف الأمريكي من الإخوان وخلفياته
http://www.fpri.org/docs/chapters/201303.west_and_the_muslim_brotherhood_after_the_arab_spring.chapter1.pdf

—————————————————–

لمزيد تناول حول منطلقات وفهم الحالة الغربية وسياساتها عموما:

كيف نفهم الغرب؟

مقال – هل يخاف الغرب من مرشح إسلامي؟ القدس العربي – يناير 2012
https://drive.google.com/file/d/0B3R3f5iENLhfTDJrZGFVN3lIeVE/view?usp=sharing&resourcekey=0-IQpJg3-qUSyIsbe-B3K7_w

اترك تعليقا