Scroll Top
الشعر

وعندنا في تراثنا الديني مذهبان في الحب؛ أولاه ما تجده في كتابات ابن القيم (الداء والدواء) و (روضة المحبين ونزهة المشتاقين) الذي يرى الحب مرضا وحاجزا عن الحب الإلهي وتكاليف الشرع غالبا، ويُسأل عنه صاحبه في أوله وليس في توسطه وآخره إذا تمكّن. وثانيه – ما حكاه الإمام ابن حزم في (طوق الحمامة) بموسوعية واستقصاء لمفردات الحب وحالاته ولكن مع تقرير فضل التعفف ووجوبه. وفي رأيي أن الأمر لا يأخذ حكما عاما، بل له تكييفات وتسييقات/ فإن رأى الفقهاء أن الزواج يدور على الأحكام الخمسة (وجوبا وندبا وجوازا وكراهة وتحريما) بحسب حال المستفتي، فعندي أن حالات الحب ودواعيه ومسالكه وتبعا لذلك مذهبنا فيه – تفوق الخمسين..

والحقيقة أن هناك مذهبا ثالثا، لأئمة الطريق يرون أي عَرَض يأخذنا عن الله منبوذ، فإن كان هذا في حب الأهل والولد، فهو في صنف العشق آكد. وكثير ما وجدت نفسي أقترب من هذه الحالات، ومنذ الصغر كنت متعلقا وأحيانا مُعلِّقا على حكم ابن عطاء الله السكندري، وهي في كل مادتها تنفض عنا غبار الغيرية وتقربنا من الله سبحانه.

ولكن كما نص القرآن (قل لو كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم ووو … أحبّ إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا… الفاسقين) فلم يذم حصول أصل المحبة للأغيار ولكن وصم تفضيل المحبة والتقاعس بالفسق، وكذا أحاديث وحال النبي في حب الولد والزوجة (… فلا تؤاخذني فيما لا أملك)، وكيف أن الحال النوراني المُتخلّي ليس من طبع البشر ولا هو مناط التكليف (لو بقيتم على مثل ما عندي لصافحتكم الملائكة) (… وأنكح النساء – أنا أتقاكم فمن رغب عن سنتي فليس مني) ، بل حتى هذا فصّل في نقده ابن القيم في تقديمه لتوسط النبي في مقابل التخلي الكامل للفُضيل بن عياض.
.
لكن ما أدين به، أن حالات التخلي ضروية ولكن ليست دائمة؛ هي مطلوبة في محضن التربية والتبتل، وفي تعهدها أحايينا لتجديد الصلة، وحين تهجم غُبارة الأغيار ويأسن القلب وتُنكت فيه صور الدنيا عن ذكر الآخرة – خصوصا إذا وجب الارتحال والتضحية..

وبجوارها…. وهو أول ما أخذته لأبدأ به مدونتي، وإعادة تواصلي مع الفضاء العام في 2016 بعد فترة انعزال طويلة.
….

أما هذه المقطوعة فكانت في 2015، وغابت عني ظروفها، ولكنها كانت في أقسى فترة حالكة من الإحباط وفقدان الشغف، فظهر هذا في انسحاب لشهود يكاد يبزّ أهل الطريق، في صورة عشق لم تألفها مدونات العرب من قبل (أنه سيبعث يوم القيامة دون قلبه الذي ارتحل مع حبيبته بالدنيا)

ثم مقطوعة في 2017، تصف تجربة عارضة ولكن ثخينة في فتح المجال للرغبة، بديلا عن ملائكية العاطفة وتبتل الوجدان، وفقط ما قطعها حدود الدين والخلق، وتقييدات الوضع الاجتماعي والمهني، واختلاف الدين والثقافة.

اترك تعليقا