Scroll Top

ماالمراد من تسمية (الإسلام السياسي)، أجد بها بعض عدم الراحة، وليس فقط أنها تحمل عداء لجماعة ما قد

تمارس السياسة تحت غطاء ديني، وإنما تلمز الإسلام بأنه دين طقوس لا علاقة له بالشان السياسي؟

 

طبعا أشاركك التحفظ من استخدام لفظة (الإسلام السياسي) عموما، لأن الإسلام دين ووحي يشتمل على مساحات كثيرة، ولايجب قصره على وجهة منها: الإسلام الصوفي، السياسي، الجهادي…
فضلا – أنه خطأ منهجي وعلمي – ألا نميز بين الدين، والتدين.. والأخير هو تصور أتباع الدين له فهما وتطبيقا..

لكن:

أولا) هناك إشكال لغوي بين العربية والانجليزية في استخدام لفظ السياسي

Political

 بالانجليزية هناك

Policy

وهي السياسة العامة.. وهناك

Politics

وهي التنافس على مصادر القوة وتعريفها. ولكن بالعربية نستخدم نفس اللفظة للاصطلاحين. وبطبيعة الحال، فالإسلام له تدخل في ال

Policy

وبالمنهج الذي حكينا فيه مثلا في محاضرة الجويني (بما يميز بين القطعي والظني ودائرة التجريب الواسعة.. وهكذا).. ولكن لابد أن يبتعد عن التنافس البشري السياسي

Politics.
فحين يستخدم بعض الغربيين ممن يفهم طبيعة الإسلام، وهم قلة، مصطلح الإسلام السياسي، يستخدمه بشكل ناقد لظاهرة الحركات الإسلامية، التي تحوّل الإسلام لما ليس فيه. ولكن يبقى كذلك في المصطلح الخلط بين الدين والتدين.
والعجيب – أن هذا التمييز موجود في أحاديث النبي، فضلا عن إنتاج أصول الفقه بعدها.
(أمنزل أنزلكه الله أم هي الرأي والحرب والمكيدة؟)
(فلا تقل هذا حكم الله، فإنك لاتدري أصبت حكم الله أم أخطأت)

وتوصيف الأئمة لاختياراتهم ب (رأيي) وليس الدين والإسلام.. وهكذا

ثانيا) الحركات الإسلامية ذاتها هي متسبب أساسي في هذا الخلط.. لأنها:
تخلط بشكل متعمد أو بجهل بين مقاربتها البشرية للإسلام، وبين الإسلام نفسه. فهي تسمي مشروعها السياسي ب (المشروع الإسلامي)، ودائما تصور برنامجها أنه المعبر عن الدين.. حتى البنا كان له فصل بإحدى رسالاته (دعوة الإخوان المسلمين، أو دعوة الإسلام بالقرن الرابع عشر الهجري)!!! والأمر تطرف جدا مع قطب.
مع أنه على أفضل تقدير، فكثير من الخيارات هي ظنية أو حتى تجريبية (بشرية)، فضلا أن بعضها قد نرى به انحرافا عن مقصود الديانة وقواعدها، أو توظيفا لمكسب سياسي حزبي.. فلاينبغي نسبته للدين.

وحتى أقرّب لك الفكرة عن مسئولة الحركات الإسلامية عن هذا الخلط.. الجدل مع الغربيين أن كثيرا من العرب والمسلمين يدعون على اليهود ويحملون لهم بغضا، وهذه معاداة للسامية، وخلط بين عدائهم السياسي – حتى المستحق – مع الصهيونية ودين سماوي.. ويكون الرد دوما، أن الحركة الصهيونية ذاتها هي من تعمدت إزالة الفارق، حين سوقت لنفسها وبين اليهود أنها هي اليهودية..

أخيرا –  قد نجد أحيانا استخدام لفظ (الإسلام السياسي) لوصف أي حالة بشرية يكون الإسلام جزءا جوهريا ومصدر مرجعي للهوية السياسية وممارسة السياسة. هذا قد يكون مقبولا بالطبع إذا تم تقدير:
1- عدم وضع حكم معياري على المبدأ ذاته. فضلا أن يُبنى هذا الحكم على التجربة الغربية مع الكنيسة تاريخيا.
2- عدم وضع حكم  على الممارسة، (هل هي مخالفة أو متفقة مع الإسلام) لأنه ليس من مهمة علم السياسة والاجتماع ذلك – بسبب دخولها في دائرة اعتقادية ليس للعلم أدوات في فحصها وتقييمها. ولكن الأجدى البحث عن أسئلة تجريبية أكثر جدوى.
ولكن استخدام المصطلح غالبا م ايتقاصرعن النقطتين السابقتين.

وعلى هذا – فمصطلح الإسلام السياسي، هو غير دقيق، وبه خلط – يناقض مفهوم الإسلام ذاته، أو حتى مقاربة أي دين والتمييز بينه وبين سوسيولوجيا التدين.
ولكن في ذات الوقت، هناك إشكالات لغوية وواقعية ومفاهيمية، قد تقلل من نعايتنا عليه.

ولكن التساؤل هو أين يقع الحكم بما أنزل الله ( القطعي) في إطار الدوله أو الكيان وخصوصا في مسائل عقديه كالتوحيد والولاء والبراء وأحكام الجهاد.

و من وجهة نظري – ليس هناك نموذج قائم حاليا يتمثل الإسلام كمرجعيه اصيله ينطلق منها بإستثناء ( السعوديه، تركيا، إيران، طالبان) كخطاب مع الفروقات الرهيبه بينها يمينا ويسارا وسقوطها جميعا عن الاقتراب من المثال ؟

(الحكم بماأنزل الله) قطعي فقط في دلالته العامة على وجوب تقديم حكم الله والانصياع له، من قبل المؤمن وجماعة المؤمنين..
ولكن هناك مساحات كثيرة من الظن.
كمسائل مثل علاقة الشريعة بالدستور، ونظام الدولة الحديثة، وكيفية التنزيل السلطوي للشريعة، وحدوده وحجيته ومصادره المرجعية، والتوفيق بين حاكمية الشريعة وبين الممارسة البشرية في تفسيرها أو في صنع النظم التقنينية والسياسية والتي غالبها لاتتدخل فيه اختصاصا أو تفصيلا  (ولهذا ميزوا حتى في سنة النبي بين دائرة التشريع ودائرة الإمامة والسياسة – نصا).

وحتى تفسير العلماء الأقدمين لآيات الحكم تلك، فتح مجالا كبيرا للاشتباه. (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم. الكافرون .. الظالمون.. الفاسقون..) – وقالوا (كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق)، بل الآيات ذاتها استخدم ألفاظا بطبيعتها متباينة بين الكفر والظلم والفسق.

فضلا – أن كثيرا من التجارب التاريخية والواقعية في (الحكم بماأنزل الله) كانت إما مصادمة لقطعياته نصا وروحا، أو توظفه سياسيا لمصالح داخلية، أو حتى خارجية. مثلا:

Mobilizing Islam

، أو دعم أنظمة وحركات تتعنون بالإسلام، لمصادمة التدخل السوفيتي في المنطقة، ومشاريع التحرر القومي، كانت فكرة مثلا قائمة منذ دالاس. فضلا عن توظيفها بشكل فج ومزري في (الجهاد الأفغاني) وما تسبب ذلك من ظواهر مفزعة – في فهم الدين وتنزيله أو حتى المزالق السياسية والاجتماعية والاستراتيجية لأمتنا – نكتوي منها حتى اللحظة. ونظم محلية مثل السعودية والسادات كذلك كانت الدعوى الدينية جزء مهم من شرعيتها وتوظيفها السياسي محليا.

ولقد سبق لي قديما إعطاء محاضرة مُطولة  بجامعة أسيوط أوائل عام 2013 ، وفي وقت وجود الإسلاميين بالسلطة، عن مسألة تطبيق الشريعة..

ولكن بنظرة شديدة الرسمية على اعتبار الإسلام ومصادره التشريعية للحكم، من قبل نظام يحكم، فليس هناك سوى السعودية وإيران. وكلاهما تتعمق فيه النزعة الثيوقراطية والتوظيف الفج للشريعة كأداة للحكم وتوسيع الهيمنة، مع فارق جوهري في أن لإيران منطق دستوري ونيابي وإن تم احتكار رأسه تحت ولاية الفقيه.

تركيا – حزب الحرية والعدالة نفسه يؤكد دوما على تبنيه الدولة العلمانية. فضلا عن التشوهات العميقة في توظيفه للخطاب الديني كسياسة محلية واختلاطه بمرادات هيمنة إقليمية وهلاوس تاريخية، ولكنه بالتأكيد – استعاد درجة إيجابية من السماح السلطوي للممارسة الاجتماعية الدينية.
طالبان – بغض النظر عن كونها ليست نظام حاكم حاليا، أو حتى تشوه التجربة بالمعيار الديني البحت، ولكن مناقضتها لمفهوم الدولة الحديثة، كمثل داعش مع الفارق الكبير في مستوى الانحراف والشذوذ – لايجعلنا نضعها في تلك الدائرة بالأصل.

عساك قرأت ورقة الشريعة والدساتير العربية

https://drive.google.com/file/d/1pgH_jvSm1mba2_eBV3MdcRFklVNBlNCG/view?usp=sharing

 

 

 

اترك تعليقا