مرثية على إحدى ضفتي البحر الميّت

أتيتُكِ في وهدةٍ ثكلى بأحجيةِ الدهور

لا شيء يحجزُ بيننا

غيرُ الهوى

وتلالِ أغرزها العدوُّ بأرضنا

كي لا أرى

غيرَ انتصابِ القهرِ

والترحالِ في بُسُطٍ تغورْ

                             *********

بيني وبين القُدسِ معراجان

فأولاها بمهبطِ قادمِ الإفرنجِ

ينكأُ سورَ عكّا من ذؤابتِهِ

فيخلُقُ في ربى المسرى

خنانيصًا وأقداحًا

وأسوارا من الفولاذِ

وأبراجًا وأتراحًا

وينسجُ ظلَّ خوذتِهِ

ويرفدُ سبيَ ضجعتِهِ

أخو العشيرةِ

وبنو الرذيلةِ

والكُماةُ النشامى

يصطرخون في سيفِ المُثنّى

ألا تُكَدِّرهُ الشرورْ

                        *********

هنيئًا لبُجَيْر طيبُ المعالي

قدّمَ الروحَ في أشَمِّ الجبالِ

كي تُرى ومضًا و برقًا يفاعًا

فيهيجُ الهوى بكريمِ الفِعالِ

         ——-

يا بُجيْر

نم قريرا وارتحل نحو العُلا

ذاك مجدٌ يُفتدى

ذانك الشسعُ وصاحبُهُ الذي

أرغمَ الكفرَ فأقنى واغتذى

قتلوك بالشسعِ

والشسعُ غالٍ

إن فدوى الكريمِ ليس تبورْ

                    ************

قَرِّبا مربطَ النعامةِ مني

هل يُصاخ الندا من أسيرِ التمنّي؟!

قَرِّبا مربطَ النعامةِ مني

أين ذلُّ الهوى من صرير المِجَنِّ؟!

قَرِّبا مربطَ النعامةِ مني

قرباها

فهي عودُ الأسيرِ

ووقعُ النفير

وبلُّ الصدى للقعيدِ المُعَنَّى

وصحوُ الأمالي لشيخِ ضرير

——-

قرباها 

وانحراها

وارأفا لجواها

أولما للعشيرةِ

ذاك عرسُ بُجيرِ

ارتقى مسرعا لمحاسنِ حورْ

————-

1 االجليلة درة عين أبيها كليب بن ربيعه الذي قتله جساس غدرا، وأقام لأجله أخوه المهلهل الزير سالم حرب البسوس. وكانت الجليلة دوما عنوان الثأر ووصية كليب لأخيه

2 ماكو أوامر، المقولة التي صارت ديدنا لجيوش العرب في احتجازهم عن نصرة قومهم ودينهم، من حرب 48 لما يليها

3 وبُجَير بن الحارث بن عباد (فارس العرب وشاعرهم) وكنز أبيه في الدنيا، وله عشق منسوب مع الجليلة. أرسله والده للمهلهل ليحقن دماء العرب، ولو حتى فدى دمه بدم كُليب. فأثار هذا كبرياء المهلهل وهو صاحب الثأر والحق، فغدر بالشاب النبيل، وقال قولته: بل بشسع نعلِ كُليب، أي أنه لا يجاوز قدر نعل أخيه فكيف يفديه؟!

ونحن هنا نصدرُ عن مرارة لقضاء بُجير واستنكارا لتهاوي فائدة بذل دمه وليس احتفاء. والحارث مقولته أجلى وأصدق :

قتلوه بشسع نعلِ كليبٍ * إن قتل الكريمِ بالشسع غالِ

4 النعامة، هي فرس الحارث بن عباد وصنو معزة وليده. لم يفتأ حين سمع بمقتل ابنه غدرا أن ينادي ويخلق في ذلك شعرا، وأشهر قصائده: قرّبا مربط النعامةِ مني

One thought on “مرثية على إحدى ضفتي البحر الميّت”

Leave a comment